الخميس، 7 مارس 2013

الوليد بن عمران موسى عليه السلام (ج1)



بسم الله الرحمَن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمُرسلين سيدنا مُحَمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين.

أما بعد ؛ قال تعالى : {قال ألم نُرَبِك فينا وليداً ولبِثتَ فينا من عُمُرك سنين 18} سورة الشُعراء.
ورد لفظ وليد في آيات القرآن الكريم مرةً واحدة فقط , والوليد هو الغُلام حين يستوصف قبل أن يحتلم, ومعنى يستوصف أي يصير بهيئة الشاب لأن الوصيف هو الشاب من الخدم (1), والفعل قال في هذه الآية الكريمة يعود على فرعون ملك مصر, وصفة وليد تعود على موسى بن عمران عليه السلام سيد أنبياء بني إسرائيل, ومعنى الآية: يقول فرعون: أمَا أنت يا موسى الذي ربيناهُ فينا وفي بيتنا وعلى فراشنا, وأنعمنا عليه مدة من السنين (2).

 ثم قال تعالى في سورة القصص : {وقالت امرأتُ فرعون قُرَةُ عين لي ولك , لا تقتلوهُ عسى أن ينفعنا أو نتخذهُ ولداً وهم لا يشعرون 9} قرة عين: مَسَرة وفرح.
يعني أن فرعون لما رأى موسى بعد أن التقطتهُ الجواري من الماء هَمَ بقتلهِ خوفاً من أن يكون من بني إسرائيل, فشرعت امرأتهُ (آسية بنت مُزاحم) تُخاصم عنهُ وتذب دونهُ وتحببهُ إلى فرعون, فقالت : {قرة عين لي ولك}, فقال فرعون أما لكِ فنعم, وأما لي فلا, فكان كذلك وهداها الله بسببه وأهلكهُ اللهُ على يديه (3).

إذاً فقد جاء ذكرُ موسى عليه السلام في الآيتان السابقتان مرةً بصفة (وليد) وهو اسمي, وفي المرة الثانية بصفة (قرة عين) وهو اسم جدي الأكبر, وقد ذكرتُ نبذة عن تاريخ عائلة القراعين وسر تسميتها في مواضيع سابقة أوجزها فيما يلي : [وقد جاء اسم عائلة القراعين من أن الجد الأكبر لهذه القبيلة كان عزيزاً جداً على والده فأسماهُ قرة عين, وبمرور الزمن ونتيجةً لعادة الناس في الميل لتسهيل لفظ الأسماء , تطرق الحذف والإضافة إلى الاسم ليصبح اسم الجد قراعين بدلاً من قرة عين] (4). ويُقال هاشميين نسبة على رجل اسمهُ هاشم وكنعانيين نسبةً إلى رجل اسمهُ كنعان, وهكذا.

وبحسب ترتيب سور القرآن الكريم فقد ورد لفظ وليد أولاً في سورة الشُعراء وترتيبها 26, إذا طرحنا رقمي الآية 26 فإننا نحصل على الرقم 4 وهو عدد حروف اسم وليد (6 - 2 = 4). ثُم ورد بعد ذلك لفظ قرة عين في سورة القَصَص وترتيبها 28, وإذا قمنا بطرح رقمي الآية فإننا نحصل على الرقم 6 وهو عدد حروف قرة عين (8 - 2 = 6), وهذا الترتيب القرآني في ذكر اسمي في سورة الشُعراء, ثُم في ذكر اسم جدي الأكبر وعائلتي في سورة القصص موافق لتسلسل ترتيب اسمي, حيثُ أن العربي عادةً عندما يُعَرِف بنفسهِ فإنهُ يذكر اسمهُ أولاً ثم اسم قبيلته (فلان بن فلان), وقد سبق لي أن استخرجتُ ذكر اسمي واسم عائلتي على التوالي بفحوى تفسير الآيتان 145 و 146 من سورة الصافات, والمرتبطتان بقصة نبي الله يونس عليه السلام, وقد بينتُ هذه المسألة في الموضوع السابق (إرهاصات وليد الحيتان), وفي هذه المرة جاء ذكر اسمي واسم عائلتي (جدي الأكبر) واضحاً جلياً باللفظ لا بالمعنى, مرتبطاً بذكر نبي الله موسى عليه السلام ووصف حالهِ على لسان الزوجان فرعون وآسية بنتُ مزاحم, وهذا شرفٌ عظيمٌ لي ولعائلتي أرجو أن أكون جديراً بهِ, وأسأل الله العلي العظيم أن ينفعني بِسيرة ويقين من جاء ذكري مصاحباً لذكرهم في كتابه الكريم من الأنبياء أولوا العزم والمُرسلين,  وأن يجعلهُ سبباً في زيادة إيماني وثبات قلبي على الدين, إنهُ على ما يشاءُ قدير وبالإجابة جدير, قال تعالى :{لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم,أفلا تعقلون 10} سورة الأنبياء. قال المفسرون: {ذكرُكم} موعظتكم أو شرفكم وصيتكم. أفلا تهديكم عقولكم إلى معرفته.

لطيفة (1): لقد جاء ذكرُ اسمي (وليد) على لسان فرعون وهو رجُل ذَكَر في الآية رقم 18 من سورة الشُعراء,  وهو ضِعْف رقم الآية 9 من سورة القصص والتي جاء فيها ذكر اسم عائلتي على لسان آسية امرأتُ فرعون وهي أُنثى, وقد قال اللهُ في كتابهِ العزيز : {يُوصِيكم اللهُ في أولادكم للذكرِ مثلُ حظ الأُنثيين} [آية 11, سورة النساء]. 

لطيفة(2): ذكرُ اسمي على لسان فرعون ظاهراً وباطناً
ذكر فرعون لفظ اسمي وليد بصورةٍ واضحة ومُباشرة في سورة الشُعراء وترتيبها 26 بحسب ترتيب سور القرآن الكريم, قال تعالى : {قال ألم نربك فينا وليداً}.
كذلك فقد ذكر فرعون لفظ اسمي وليد بصورةٍ خفية وغير مُباشرة في الآية رقم 26 من سورة غافر, قال تعالى : {وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدعُ ربه , إني أخافُ أن يُبدلَ دينكم أو أن يُظهر في الأرض الفساد 26}.
ونجدُ اسم (وليد) كاملاً مُرتباً في مقدمة لفظ {وليدعُ}, وإذا قمنا بتحليل هذا اللفظ على النحو التالي:
وليدع = وليد + ع.
وليد: هو اسمي واسم كل مولود.
ع: الحرف الأخير من (وليدعُ) وهو حرف العين, ولفظهُ (عين) يُمثل الشطر الأخير من اسم جدي (قرة عين) وعائلتي (قراعين).
أي أن : وليدعُ = وليد + عين = وليد القراعين.

لطيفة (3): وليد قرة عين وتعويذة اليد والعين
تعتبر الحضارة الفرعونية التي ينتمي إلى عهدها وليد قصر فرعون وقُرة عين زوجته نبي الله موسى عليه السلام مهداً للتعاويذ والتمائم والخُرافات التي توارثتها الأجيال, إذ كانت تلك التعاويذ الكهنوتية هي الملاذُ والبديل الروحاني للشعوب التي كانت تعيشُ ظُلمة الجهل والكفر بخالقها جَلَ في عُلاه, وتعتبر صورة (كف اليد المرسوم في وسطه عين مفتوحة) واحدةً من أشهر تلك الرموز والتعاويذ, ويعتقد مستخدمي ومُعلقي هذه التميمة بأنها تساعدهم في اتقاء شر عيون الحاسدين, وغالباً ما يتم صبغ صورة هذه التعويذة باللون الأزرق تيمناً بزُرقة السماء ولاعتباراتٍ أخرى مختلفة, ولذلك تشتهر هذه التعويذة بِسمِ (الخرزة الزرقاء), ولهذه التعويذة أسماءً أُخرى تِبعاً للحضارات والأمم والشعوب التي تستخدمها, فيسميها اليهود بسم (يد مريم) نسبةً إلى مريم أخت هارون وموسى عليهم صلوات الله وسلامه, كما يُؤول اليهود رمز كف اليد بأصابعه الخمسة بأسفار موسى وكتب التوراة الخمسة, ويعتقد بعض المسلمون السُنة أن أصابع اليد الخمسة تشير إلى أركان الإسلام الخمسة, بينما يعتقد بعض الشيعة أنها تشير إلى أهل الكساء الخمس عليهم الصلاة والسلام (محمد ، علي،فاطمة ، حسن، حسين), وتشتهر هذه التعويذة في مصر الحديثة وبعض الشعوب العربية بسم (خمسة وخميسة).
ورغم تعدد تسميات تعويذة اليد والعين إلا أنَ أبلغَ وأفصح وصفاً لها نجدهُ في اسم (وليد قرة عين), وهو اسمي وهو كذلك ذكرُ موسى على لسان فرعون وزوجته في القرآن, حيثُ أننا نجدُ (اليد) وهي العنصر الأساسي الأول في التعويذة في آخر حرفين من اسم (وليد), بينما نجدُ (العين) التي تستقر في وسط كف اليد في آخر ثلاثة حروف من (قرة عين), وتُشكل حروف كلمة (يد) نصف حروف اسم (وليد), كما تُشكل حروف كلمة (عين) نصف حروف اسم (قرة عين), ومجموع أحرف كلمتي (يد وعين) هو خمسة على عدد أصابع كف اليد.
قال تعالى: {وألقي ما في يمنيك تلقفُ ما صنعوا, إنما صنعوا كيدُ ساحر, ولا يُفلحُ الساحرُ حيثُ أتى 69 فأُلقي السحرةُ سُجداً قالوا آمنا بربِ هارون وموسى 70 قال أآمنتم لهُ قبلَ أن آذن لكم, إنهُ لكبيركم الذي علمكم السحر, فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأُصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى 71} سورة طه.
وقد اشتُهر نبي الله موسى عليه السلام الذي انطوت رموز هذه التعويذة السحرية في ذكرهِ بتأييد الله لهُ على السحرة والمشعوذين, وبكف يد فرعون وأعوانهِ عن أذية أتباعه من بني إسرائيل, وإنَ من بلاغة حفظ الله وعنايته بموسى عليه السلام أن جعلَ تنشئتهُ تكون في كَنفِ عدوه الأول فرعون.
واعلم أخي المُسلم أن حفظ الله ودفاعهُ عنك أسرعُ إليك وأجدى من حفظ الزينة والصور والحجارة المخلوقة والمصنوعة بأيدي خَلق الله, وإن خير ما نتعوذ بهِ ما عُوِذَ به خير الأنام نبينا محمد (عليه الصلاة والسلام) من الذكرِ وآيات القرآن, فإن فيها شفاءً للعين والسحر وسائر المخاوف والأسقام.

لطيفة (4): لي قرين = وليد قراعين
والآن أنتقل من بيان ذكر اسمي واسم عائلتي على لسان الزوجان آسيا وفرعون, إلى بيان ذكرهما على لسان قائلٍ في آيات القرآن بقول الله الرحمن: {قال قائلٌ منهم إني كان لي قرين 51} سورة الصافات.
إن جملة {لي قرين} في الآية أعلاه تتشابه لفظاً مع اسم (وليد قراعين), حيثُ يُمثل الشق الأول من هذه الجملة (لي) اسمي (وليد) منقوصاً حرفي (و,د) وهما الحرفين الأول والأخير منه [(و) لي (د)], وبالعكس فإن الشق الثاني من هذه الجملة وهو (قرين) يمثل اسم عائلتي (قراعين) منقوصاً حرفي (ا,ع) وهما الحرفين الأوسطين منه [قر (اع) ين].
{قال قائلٌ منهم إني كان لي قرين 51}, ومن الناحية الرقمية والحسابية فإنه عند إجرائنا لعملية الطرح على رقمي الآية التي سُطِرت فيها جملة {لي قرين}, فإننا نحصل على عدد حروف اسمي وليد [5 - 1 = 4], وبالعكس فإنه عند إجرائنا لعملية الجمع على رقمي الآية فإننا نحصل على عدد حروف اسم عائلتي قراعين [5 + 1 = 6].
والآن أنتقل إلى بيان معنى قول الله المنان في القرآن {قال قائلٌ منهم إني كان لي قرين 51}, القرين هو الصاحب, وفي هذه الآية تحديداً فإن القرين يدل على الصاحب الضال من الإنس والشياطين, وقد جاء في حديث خير المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم, عن عبد الله بن مسعود أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما منكم من أحد إلا وقد وُكِلَ به قرينهُ من الجن, وقرينهُ من الملائكة, قالوا: وإياك؟ قال: وإياي, إلا أن الله أعانني عليه فأسلم, فلا يأمرني إلا بخير} حديث صحيح.
سُئل ثعلب عن معنى قول النبي (عليه الصلاة والسلام): {إلا أن الله أعانني عليه فأسلم}. الشيطان أسْلم أو النبي (صلى الله عليه وسلم) يسْلم من الشيطان؟ فقال: الشيطانُ أسْلم.

وقد أكرم الله رسوله وأصحابه وأولياءه وأمدهم بعونه الكبير,فما بقي لواحدٍ منهم قرين من إنسٍ أو شياطين إلا وقد أسلم لهم وسار معهم أو هلك ومُحي ذِكرُه. 

الغُول والقراعين
وإضافةً إلى ما استنبطته من إشاراتٍ شخصية من الآية رقم 51 من سورة الصافات, فإنه إذا رجعنا إلى الآيتين رقم 47 و48 من نفس السورة, فإننا نجد في الآية الأولى حروف وكتابة اسم عائلة أمي كاملاً (غُوُل) منطوياً في كلمة (غَوْل) رغم اختلاف معنى الكلمتين, قال تعالى: {لا فيها غَوْلٌ ولا هم عنها يُنزفون 47} غَوْل: ضرر.
بينما نجد في الآية التي تليها النصف الأخير من حروف وكتابة اسم عائلة أبي (القراعين) منطوياً في كلمة (عين), قال تعالى: {وعندهم قاصرات الطرفِ عين 48} قاصرات الطرف عين: حُور لا ينظُرن إلى غير أزواجهنَ, نُجْل العيون حِسانُها. 
واللطيفة العددية هنا تكمن في أن عدد الحروف التي وجدناها من اسم عائلة أبي (قراعين) في الآية 48 وتحديداً في كلمة (عين) هو (ثلاثة حروف), وهو نفس عدد حروف اسم عائلة أمي (غُول) الذي وجدناهُ في الآية رقم 47.
قال تعالى: {للذكر مثل حظ الأنثيين}, أي أن للذكر ضِعفُ حظ الأنثى, ويتجسد هذا المعنى القرآني باسْمَي عائلتيْ أبي وأمي, حيثُ أن عدد حروف اسم عائلة أبي (قراعين) هو ضِعفُ عدد حروف اسم عائلة أمي (غُوُل), [3:6].

لطيفة (5): وليد أحمد محمد القراعين في القرآن الكريم
قال تعالى : {فاستمسك بالذي أوحي إليك, إنك على صراطٍ مستقيم 43 وإنهُ لذكرٌ لك ولقومك وسوف تُسألون 44} سورة الزُخرُف.

وليد : وردت كلمة وليد مرة واحدة في القرآن الكريم في الآية رقم 18 من سورة الشعراء. وإذا قمنا بحساب أعداد حروف اسم وليد على قاعدة حساب الجُمل المشهورة بين المشتغلين بحساب الأوفاق, فإننا نجد أن مجموع أعداد حروف (وليد) يساوي مجموع أعداد حروف اسم الله (الواحد), وتالياً الرمز العددي لهذه الحروف : [وليد = و: 6 + ل: 30 + ي: 10 + د: 4 =50, الواحد = أ: 1 + ل: 30 + و: 6 + أ: 1 + ح: 8 + د :4 = 50]. ومن الناحية اللفظية فإن أول وآخر حرف من اسم الله الواحد  – واحد بدون أل التعريف-  يُمثلان أول وآخر حرف من اسمي وليد (الواو والدال), والحرفين المتبقيين من واحد (الأوسطيين)  يُمثلان أول حرفين من اسم أبي (أحمد).

أحمد : أحمد هو اسم التفضيل من محمد, وقد ذُكِر اسم أحمد مرة واحدة قي القرآن الكريم في الآية رقم 6 من سورة الصف, وقد انطوت الوحدانية في اسم أحمد, فإذا حذفنا حرف الميم من اسم أحمد فإنهُ يصبح (أحد), والأحد هو الواحد الذي لا نظير لهُ ولا شبيه, ويتشابه اسم (أحمد) مع اسم (وليد) من عدة نواحي, فكلا الاسمين ينتهي بحرف الدال, وكلا الاسمين ورد ذكرهُ في القرآن مرة واحدة, وكذلك فقد انطوت صفة الوحدانية في كلا الاسمين (وليد = الواحد, أحمد = الأحد), والحروف الثلاثة الأولى من اسم وليد على الترتيب هي (ولي) وهو اسم من أسماء الله الحُسنى, والحروف (الأول والثاني والرابع) من اسم أحمد على الترتيب هي (أحد) وهي صفة الله الواحد.  

مُحمد : ذُكِر اسم محمد (صلى الله عليه وسلم) 4 مرات في القرآن الكريم في [الآية 144 من آل عمران, الآية 40 من الأحزاب, الآية 2 من محمد, الآية 29 من الفتح], وعدد مرات ذكر اسم مُحمد (صلى الله عليه وسلم) في القرآن يساوي عدد حروف اسمه (عليه الصلاة والسلام).

وكما ذكرتُ أعلاه فإن اسم الله (الولي) قد انطوى في اسمي (وليد), بينما قد انطوى اسم الله (الحميد) في اسمي أبي وجدي (أحمد محمد), وبحسب ترتيب أسماء الله الحسنى التسعة وتسعون المشهورة التي رواها الإمام الترمذي رحمه الله, فإن اسم الله (الولي) يأتي في الترتيب (56) وبعده مباشرة يأتي اسم الله (الحميد) في الترتيب (57), وهذا الترتيب لاسمي الله (الولي الحميد) يوافق ترتيب ما يشابههما من اسمي الثلاثي (وليد أحمد محمد).

وقد ورد اسمي الله (الولي الحميد) مقترنين مرة واحدة في آيات القرآن الكريم في قوله تعالى: {وهو الذي يُنزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشُر رحمته. وهو الولي الحميد 28} سورة الشورى.

ومن اللطائف الحرفية الرقمية في هذه الآية أنه عند إضافة حرف (الدال) لاسم الله (ولي) ليصبح عدد حروفه (أربعة) مثل اسم الله (حميد), ثم القيام بحساب عدد حروف جملة (وليد حميد) باستخدام قاعدة حساب الجُمل, فإن الناتج يساوي (أربعة) أضعاف رقم الآية التي ذُكر فيها اسمي الله (ولي حميد), واللطيفة الرقمية تكمن في أن الرمز العددي لحرف (الدال) يساوي (أربعة), وبإضافة حرف الدال فإن حروف اسم (ولي) صارت(أربعة), وبالدال فإن مجموع أعداد حروف جملة (وليد حميد) صار يساوي (أربعة) أضعاف رقم آية (الولي الحميد). وتالياً عملية الحساب: وليد = 50 كما هو مشروح أعلاه, وحميد = 62 كما يلي:[ح = 8, م = 40, ي = 10, د = 4], ومجموع (وليد حميد) يساوي 112 (50 + 62 = 112), والرقم 112 يساوي 4 أضعاف الرقم 28 وهو رقم الآية. قال تعالى: {ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة. وهو على جمعهم إذا يشاءُ قدير 29} سورة الشورى.  

القراعين (قرة عين): قرة عين صفة تدل على المفرد وقد وردت في القرآن الكريم مرة واحدة في الآية رقم 9 من سورة القصص, كما وردت كلمة (قرة أعين) وهي الجمع من (قرة عين) مرتين في آيات القرآن الكريم, المرة الأولى في قوله تعالى: {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قُرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً 74} سورة الفرقان. والمقصود من قرة أعين في هذه الآية هو ما تَقَرُ به عين المؤمن في الدُنيا من أولاد وأحفاد وزوجات صالحين ومُهتدين. والمرة الثانية في قوله تعالى: {فلا تعلم نفسٌ ما أُخفي لهم من قُرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون 17} سورة السجدة. والمقصود من قرة أعين في هذه الآية هو ما تَقَرُ به عين المؤمن في الآخرة من نعيمٍ لم ترى مثلهُ عين, ولم تسمع بمثله أُذن, ولم يخطر على قلب بشر.
 
لطيفة (6): وليد العمري
مراسل قناة الجزيرة في بيت المقدس وأكنافه وليد العُمري, جُمِعَ لهُ الشرف كلهُ في ذكر اسمه واسم عائلته مجازاً في طيات الآية 18 من سورة الشُعراء, بمعية ذكر قاهر الجبابرة فرعون وقارون وهامان موسى ابن عمران عليه السلام ,قال تعالى : {قال ألم نُرَبِك فينا وليداً ولبِثتَ فينا من عُمرك سنين 18}.  

* آل القراعين بين بني هاشم وبني إسرائيل
وردت كلمتا (وليد و قرة عين) في القرآن الكريم للدلالة على موسى عليه الصلاة والسلام, فإذا استبدلتُ هاتان الكلمتان من اسمي باسم موسى, فإن اسمي الرباعي يصير نصفهُ موسى (على طرفيه) ونصفهُ محمد (في وسطه): موسى أحمد محمد موسى. وموسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام هما صاحبا أعظم سواد من الأتباع يوم القيامة, ونَسَب نبي الله موسى يعود إلى إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام أجمعين, ونسب رسولنا محمد يعود إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام أجمعين, وهذا يعني أن اسمي الرباعي قد انقسم بالسوية بين ذرية اسحق التي خرج منها أنبياء بني إسرائيل عليهم الصلاة والسلام, وبين ذرية إسماعيل التي خرج منها نبي بني هاشم محمد عليهما الصلاة والسلام. ومن المفارقات الغريبة أن أقربائي من آل القراعين منقسمين اليوم في سكنهم بين القدس الشرقية القابعة تحت سيطرة اليهود وهم من بقية بني إسرائيل, وبين عَمَان التي يحكمها بقيةٌ من آل هاشم من أحفاد سيدنا محمد عليه وآله الصلاة والتسليم, قال تعالى : {وكذلك يجتبيك ربُكَ ويُعَلِمُك من تأويل الأحاديث ويُتمُ نعمتهُ عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبلُ إبراهيم وإسحاق. إنَ ربكَ عليمٌ حكيم 6} سورة يوسف.  

يونس وموسى عليهما السلام
إن مصاحبة ذكري ليونس وموسى عليهما الصلاة والسلام في آيات القرآن ليس من باب الصدفة,  إذ أن كِلا النبيين قد اشتُهر بصفة الغضب, ولا أخفيكم أنني مبتلى أيضاً بهذا الطبع الصعب الذي يُؤججهُ الشيطان في نفس الإنسان, استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أحدهما يسبُّ وهو مُغضَب قد احمرَّ وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم} متفقٌ عليه.

والغضب أو ما يُسمى عند عامة الناس ڊ (العصيبة) هو من أعراض هذا العصر التي تُؤثر قصراً على أمزجة غالبية البشر, كما حَدثَ سيد البشر عليه الصلاة والسلام عن هذا الزمان الذي يصير فيه الحليمُ حيران, وقد كان موسى عليه السلام سريع الغضب, لا سِيما فيما يتعلق بقومهِ بني إسرائيل, ولكنهُ كان طيب القلب, وكان طِيبُ قلبهِ يدفعهُ إلى الندم وطلب المغفرة من الله تبارك وتعالى. ويتضحُ هذا المسلك جلياً مما ذكرهُ اللهُ عز وجل في سورة القصص, حيثُ وصف ما فعلهُ موسى نتيجة سرعة غضبهِ ثم ندم عليه بعد ذلك. قال جل شأنهُ : {ودخلَ المدينة على حينِ غفلةٍ من أهلها فوجد فيها رجلان يقتتلان هذا من شِيعته وهذا من عدوه, فاستغاثهُ الذي من شيعتهِ على الذي من عدوه فوكزهُ موسى فقضى عليه , قال هذا من عمل الشيطان إنهُ عدوٌ مُضِلٌ مُبين 15 قال ربي إني ظلمتُ نفسي فاغفر لي فغفرَ لهُ إنهُ هو الغفور الرحيم 16}. ومن اللطائف والحِكم الربانية أن جعلَ الله سبحانهُ وتعالى قِبلة موسى التي توجه إليها بعد هذه الفتنة الشيطانية ناحية الماء, قال تعالى: {ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل 22 ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمةً من الناس يسقون ..23}. وكما جاء في الحديث الشريف فإن الماء يُطفئ نار الغضب والوضوء يُخمد نار الشيطان و وساوسه, فقد قال صلى الله عليه وسلم، فيما رواه عُروة بن محمد السعدي، وقد أغضبه رجل وسبَّه فقام ودخل البيت ثم توضأ وعاد، وقال: حدثني أبي، عن جدي عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {الغضب من الشيطان، والشيطان خُلق من نار، وإنما تُطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ} رواه الإمام أحمد في مُسنده (18014).

ومن الناحية الأخرى فقد كان يونس بن متَى عليه السلام شديد الغضب كما وصفهُ اللهُ سبحانهُ وتعالى , قال عَزَ ثنائُهُ : { وذا النون إذ ذهب مُغاضباً فظنَ أن لن نقدرَ عليه فنادى في الظُلمات أن لا إلهَ إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين 87} سورة الأنبياء (5). ومن اللطائف والحِكم الربانية أن جعل الله قِبلة يونس عليه السلام التي توجه إليها بعد هذه الفتنة الشيطانية ناحية البحر, حيثُ ركب يونس عليه السلام بعدما غاضب قومهُ في السفينة, وأصابتهُ سِهام القُرعة فأُلقي في البحر ولبث فيه في بطن الحوت, قال تعالى :{وإن يونس لمن المُرسلين 139 إذ أبقَ إلى الفُلك المشحون 140 فساهم فكان من المُدحضين 141 فالتقمهُ الحوت وهو مُليم 142} سورة الصافات. وكما جاء في الحديث الشريف فإن الماء يُطفئ نار الغضب, والاغتسال فيه يُخمد نار الشيطان, عن أبي مسلم الخولاني، عن معاوية بن أبي سفيان، أنه خطب الناس وقد حبس العطاء شهرين أو ثلاثة، فقال له أبو مسلم: يا معاوية إن هذا المال ليس بمالك ولا مال أبيك ولا مال أمك. فأشار معاوية إلى الناس أن امكثوا، ونزل فاغتسل ثم رجع، فقال: أيها الناس إن أبا مسلم ذكر أن المال ليس بمالي ولا مال أبي ولا مال أمي، وصدق أبو مسلم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {الغضب من الشيطان، والشيطان من النار، والماء يطفئ النار، فإذا غضب أحدكم فليغتسل}. اغدوا على عطاياكم على بركة. رواهُ أبو نعيم في الحلية (2 /130).

وإضافةً إلى تشابه يونس وموسى عليهما الصلاة والسلام بالطِباع النفسية فإنهما مُتشابهان كذلك بالطبيعة الجغرافية التي احتضنت أهم مراحل حياتهما, حيثُ كان البحرُ هو جسر النجاة لموسى عليه السلام ومن معهُ من بطش فرعون وجنوده, كما كان البحر هو الوعاء الذي احتضن يونس عليه السلام وهو في محنته في بطن الحوت, وقد ورد لفظ الحوت في كتاب الله 4 مرات فقط منها اثنتان في قصة يونس عليه السلام [الآية 142 الصافات, الآية 48 القلم], واثنتان في قصة موسى عليه السلام مع فتاه [الآيات 63,61 من سورة الكهف].

لطيفة الفقرة: كوثر الموسوي نون
لقد انطوت إشارة ذكري في القرآن بمعيية موسى ويونس عليهما السلام في اسم مذيعة قناة المنار الفضائية اللبنانية كوثر الموسوي نون, فالكوثر: هو القرآن * , والموسوي: هو اسمٌ منسوب إلى موسى, ونون: هو الحوت, وقد جعل الله ذكر الحوت مقترناً بذكر يونس عليه السلام بقوله حينا:ً {ذا النون} وحيناً آخر {صاحب الحوت}.

* قال تعالى في سورة الكوثر :{إنا أعطيناك الكوثر 1 } الكوثر بجُملتهِ هو القرآن فبهِ يرد الناس الحوض وبه يدخلون الجنة وبقدر تِرداده والعمل به يُعطى المرءُ من نعيم الجنة وحورها وأنهارها وزرعها وبهائها, والقرآن هو العطاء الكثير الممدود من السماء إلى الأرض لا يقطعهُ عبد ولا يَبَلى من كثرة الرد, وهو الذكر الخالد المحفوظ الذي يُجسد سيرة ومسيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه وإخوانه الأنبياء عليهم السلام والصالحين, ولا يزال هذا الذكر المُبين صرحاً شامخاً يتردد حتى يومنا هذا على شفاه الملايين من الجِنة والناس, فأين ذكركم يا كفار قريش وشرفكم ألم يقطعه الله ويمحوه من صفحات التاريخ إلا بالسوء والشر, {فصل ِ لربك وانحر 2 } فأقم صلاتك يا أيها النبي ومن ائتم بك من الناس بتلاوة آيات هذا القرآن, وانحر عدوك الذي يُكذب بهذا الكتاب ويؤذيك ويمنعك البيت, وقد فعل عليه الصلاة والسلام فنحرَ سادة الكفر وأشياعهم في بدر, {إن شانئك هو الأبتر 3}, ولم يزل سيفاً مُسَلطاً عليهم من الله حتى رجع إلى مكة حاجاً فاتحاً ناسكاً ناحِراً لهديهِ مُتمِماً لدينه ورسالته الخالدة هادماً لذكر وذكرى الشرك والأوثان.

ما معنى اسم موسى كليم الله ؟!
لقد ورد اسمُ نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام في القرآن 136 مرة, وهو أكثر الأسماء ذكراً في القرآن وبفارقٍ شاسع عن الأسماء الأخرى التي سجلتها آيات الكتاب الحكيم, ومعنى موسى بحسب تفسير علماء التوراة هو (نشيل الماء) أي الذي التقطهُ آل فرعون من الماء, إلا أنهُ ثمة من يخالف هذا التفسير من الباحثين والعلماء اللغويين مثل العالم اللغوي المصري رؤوف أبو سعدة, صاحب كتاب (العلم الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن), وقد قرأتُ في دراسة مأخوذة عن هذا الكتاب ومنشورة على شبكة الإنترنت تفسيراً مختلفاً لاسم موسى عليه السلام, وأُقدم فيما يلي مُلخص لبعض ما جاء في هذه الدراسة : [ الشائع أن (موسى) في القرآن هي تعريب (موشيه) التي في التوراة, هذا هو الشائع، وهذا هو ما قال به علماء التوراة .. ألزمتهم بذلك عبارة في (سفر الخروج) تفسر اسم (موسى) على اللفظ العبراني، التي ينطقونها (موشيه) كدأب العبرية في ( تشيين ) السين وإمالة الألف ، فقالوا : إن  (موسى) عبرانية وموشيه هي اسم فاعل في اللغة العبرية وتعني (الناشل), وهذا المعنى يُناقض تفسير كاتب سفر الخروج الذي قال:{ودعت – أي ابنة فرعون- اسمهُ موشيه وقالت : إني انتشلتهُ من الماء}. و(موشيه ) على زنة الفاعل تعنى أن موسى كان هو الناشل لا المُنتَشَل ، ولا يجوز في العبرية استعمال زنة الفاعل على قصد المفعول، ولو أريدت تسمية موسى على المعنى الذي ذكرهُ كاتب سفر الخروج لكان الاسم ( نمشى) وهو اسم مفعول يعني (المُنتَشَل) وهو من أعلام العبرية, وهذا يعني أن اسم موشيه (موسى باللفظ العربي) ليس اسماً عبرانياً وإنما هو اسماً مصرياً, وكيف لا والتي أطلقت هذا الاسم هي ابنة فرعون وهي مصرية تسمي الأشياء بلغة قومها, وقد كان بني إسرائيل يجيدون اللغة المصرية القديمة، ويحسنون فهمها كما يحسنون الحديث بها, إذن فما معنى اسم (موسى) في اللغة المصرية القديمة ؟  (موسى) لفظة في المصرية القديمة منحوتة من جذر في تلك اللغة، هو ( م / س / ى )، فعل بمعنى ولد / يلد / ولادة . ولفظة (موسى) اسم مشتق منه على زنة المفعول ، فمعناها ( ولد ) أو (وليد ), فإن سألت أي الصيغتين ( الولد ) أو ( الوليد ) أقرب ؟ .. قلت لك : معنى ( الولد) أقرب لاسم موسى في لغته ، ولعل هذا هو السبب أن القرآن أتى بها على لسان امرأة فرعون {عسى أن ينفعنا أو نتخذهُ ولداً} آية 9,القصص. لكن معنى (الوليد) أقرب في لغة العرب ، إذ أن العرب لم تسمى علماً قط ( الولد ) لكن الشائع عندهم (الوليد) وهو كثير ، يدلك على اعتداد القرآن بهذه الصيغة ـ وهى المعتبرة عند التعريب والترجمة ـ أن لفظة (وليد) لن تجدها في القرآن كله إلا في هذه الآية فقط, قال تعالى : {ألم نربك فينا وليداً} آية 18, الشعراء] (6). 

لطيفة رياضية: ليونيل ميسي .. هبة النيل
ربما هو من أسرار عظمة وتفوق هذا اللاعب في ميادين كرة القدم, تلك النفحة القدسية المنطوية في اسمه, والمتضمنة اسم كليم الله –عليه الصلاة والسلام- بالعربية والمصرية القديمة, وكذلك اليم الذي ألقته أمه فيه, والتقطه آل فرعون منه.

قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ 7 فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ 8} القصص.
[ذكروا أن فرعون لما أكثر من قتل ذكور بني إسرائيل ، خافت القبط أن يُفْني بني إسرائيل فَيَلُون هم ما كانوا يلونه من الأعمال الشاقة. فقالوا لفرعون : إنه يوشك - إن استمر هذا الحال - أن يموت شيوخهم ، وغلمانهم لا يعيشون ، ونساؤهم لا يمكن أن يَقُمْن بما يقوم به رجالهم من الأعمال ، فيخلص إلينا ذلك. فأمر بقتل الولدان عامًا وتركهم عامًا ، فولد هارون ، عليه السلام ، في السنة التي يتركون فيها الولدان ، وولد موسى ، عليه السلام ، في السنة التي يقتلون فيها الولدان ، وكان لفرعون أناس موكلون بذلك ، وقوابل يَدُرْنَ على النساء ، فمن رأينها قد حملت أحصوا اسمها ، فإذا كان وقت ولادتها لا يَقْبَلُها إلا نساء القبط ، فإذا ولدت المرأة جارية تركنها وذهبن ، وإن ولدت غلامًا دخل أولئك الذبَّاحون ، بأيديهم الشفار المرهفة ، فقتلوه ومضوا قَبَّحَهُم الله. فلما حملت أم موسى به ، عليه السلام ، لم يظهر عليها مخايل الحمل كغيرها ، ولم تفطن لها الدايات ، ولكن لما وضعته ذكرًا ضاقت به ذرعًا ، وخافت عليه خوفًا شديدًا وأحبته حبًّا زائدًا ، وكان موسى ، عليه السلام ، لا يراه أحد إلا أحبه ، فالسعيد من أحبه طبعا وشرعًا قال الله تعالى : {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} [طه : 39]. فلما ضاقت ذرعًا به ألهمت في سرها ، وألقي في خلدها ، ونفث في روعها ، كما قال الله تعالى : {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}. وذلك أنه كانت دارها على حافة النيل ، فاتخذت تابوتًا ، ومهدَت فيه مهدًا ، وجعلت ترضع ولدها ، فإذا دخل عليها أحد مِمَّنْ تخاف جعلته في ذلك التابوت ، وسيرته في البحر ، وربطته بحبل عندها. فلما كان ذات يوم دخل عليها مَنْ تخافه ، فذهبت فوضعته في ذلك التابوت ، وأرسلته في البحر وذهلت عن أن تربطه ، فذهب مع الماء واحتمله ، حتى مر به على دار فرعون ، فالتقطه الجواري فاحتملنه ، فذهبن به إلى امرأة فرعون ، ولا يدرين ما فيه ، وخشين أن يفتتن عليها في فتحه دونها. فلما كشفت عنه إذا هو غلام من أحسن الخلق وأجمله وأحلاه وأبهاه ، فأوقع الله محبته في قلبها حين نظرت إليه ، وذلك لسعادتها وما أراد الله من كرامتها وشقاوة بعلها] تفسير ابن كثير.

* ليونيل ميسي = ليو + نيل + ميسي
- ليو: أول ثلاثة حروف من اسم (وليد), واسم (وليد) كما مر في الفقرة السابقة هو معنى اسم (موسى) بالعربية, قال تعالى : {ألم نربك فينا وليداً}.
- نيل: هو - كما في تفسير ابن كثير- اسم اليم الذي ألقت فيه أم موسى –عليهما السلام- وليدها, وحملهُ وسار به إلى أن التقطه آل فرعون من على الشاطئ المحاذي لقصرهم.
ميسي: هو لفظ مُرادف لاسم (موسى), وكما في الفقرة السابقة فإن: (موسى) لفظة في المصرية القديمة منحوتة من جذر في تلك اللغة، هو ( م / س / ى )، فعل بمعنى ولد / يلد / ولادة.

ومن خلال هذا التفصيل لألفاظ الاسم (ليونيل ميسي) على الترتيب, ترتسم لنا ملامح قصة موسى –عليه الصلاة والسلام- منذ ولادته وحتى حضانته في قصر فرعون.
فبعد أن وضعت أم موسى وليدها (ليو), خشيت عليه من الأخذ والقتل فألقته في ماء النيل الجاري على حافة دارها (نيل), فحملهُ النيل حتى وصل به إلى جانب الشاطئ المحاذي لقصر فرعون, فالتقطته الجواري – وقيل ابنة فرعون- وذهبن به إلى القصر, فأطلقوا عليه اسم موسى – (ميسي)-, وهو لفظ مصري بمعنى وليد, أرادوا بذلك أن النيل قد ولده و وهبه لهم, فليس يُعلم له أب ولا أم قبل استخراجه من ماء النيل.

ملك الكرة
بعد (بيليه) و (ماردونا) و (رونالدو داليما) تربع (ليونيل ميسي) على عرش نجومية كرة القدم, والشيء الملفت أن هؤلاء الأعلام الأشهر والأبرز في عالم كرة القدم, نصفهم من البرازيل والنصف الآخر من الأرجنتين.


وإننا نجد هذه الريادة والسيادة منطوية في اسم (ليونيل ميسي), حيث أن الأربعة حروف الأولى من اسمه (ليونيل) على الترتيب هي (ليون), و(ليون) هو لفظ كلمة إنجليزية (Lion) معناها (أسد), وكما هو معلوم فإن الأسد هو سيد الغابة وملكها.

لطيفة: الوليد بن عمران
قال تعالى :{قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين 18} الشعراء.
لقد انطوى اسم موسى بن عمران عليه السلام بدلالة معنى اسمه بالمصرية القديمة (الوليد بن عمران) في قول فرعون في الكلمتين اللتان تعودان على موسى في الآية الكريمة وهما (وليداً وعمرك).

وليداً : إن التنوين فوق عصا الألف يُعادل لفظاً حرف (النون), وإذا عوضنا حرف النون مكان التنوين فإن وليداً تصبح (وليدان).

عمرك : العمر هو سنين حياة الإنسان, وحرف الكاف في كلمة (عمرك) هو ضمير عائد على موسى عليه السلام وليس أصيلاً في الكلمة لذلك نحذفهُ منها, وعليه فإن كلمة (عمرك) تصبح (عمر).

وإذا جمعنا النتيجة التي وصلنا إليها من كلمة (وليداً) مع النتيجة التي وصلنا إليها من كلمة (عمرك) كما يلي: وليدان + عمر = وليد + عمران = وليد عمران.

وهذه هي النتيجة المطلوبة وهو اسم موسى عليه السلام وأبيه, ومجموع حروف هذه النتيجة (وليد عمران) يساوي (9), وهو مجموع أرقام الآية الكريمة التي استخرجناها منها (18 = 8 +1 =9). 

دعوة موسى والأزمة المالية العالمية
قال تعالى : {وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون ومَلأهُ زينةً وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ليُضلوا عن سبيلك , ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم 88 قال قد أُجيبت دعوتكُما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون 89} سورة يونس.
هذا إخبار من الله تعالى عما دعا به موسى عليه السلام على فرعون وملئه, لمَ أبوا قبول الحق واستمروا على ضلالهم وكفرهم معاندين جاحدين ظُلماً وعلواً وتكبُراً وعُتواً, قال موسى : {ربنا إنك آتيت فرعون وملأهُ زينة} أي من أثاث الدنيا ومتاعها, {وأموالاً} أي جزيلة كثيرة {في الحياة الدنيا ربنا ليُضلوا عن سبيلك} أي ليفتتن بما أعطيتهم من شئت من خلقك, وليظن من أغويتهُ أنك إنما أعطيتهم هذا لحبك إياهم واعتنائك بهم {ربنا اطمس على أموالهم} قال ابن عباس : أي أهلكها, وقال قتادة : بلغنا أن زروعهم تحولت حجارة. وفي تفسير الإمام النووي (اطمس على أموالهم : أهلكها وأذهبها. أو أتلفها), وهذه الدعوة كانت من موسى عليه السلام غضباً لله ولدينه على فرعون وملئه الذين تبين لهُ أنهم لا خير فيهم ولا يجيء منهم شيء, ولهذا استجاب الله تعالى لموسى عليه السلام فيهم هذه الدعوة التي أمنَ عليها أخوهُ هارون (أي قال : آمين) فقال تعالى : {قد أُجيبت دعوتكما} (7).

ولقد سَطَرَ القرآن الكريم هذه الدعوة المُستجابة لموسى عليه السلام وأمنَ عليها أبناء أمة الإسلام, ليتخذوها سلاحاً ربانياً يرفعوهُ في وجه قوى الظلم والجشع والطغيان على مر العصور والأزمان, ولقد قلبتُ بعض صفحات الإنترنت فوجدتُ ألسنةً إلكترونية تلهج بهذه الآية عبر مشاركات منشورة منذ أكثر من عامين من الزمن, أي قبل حدوث هذه الأزمة المالية العالمية التي لو قلبنا صفحات المعاجم اللغوية لاستخراج مصطلح جامع وشافي لوصفها, فإننا لن نجد أفضل من كلمة الطمس التي دعا بها موسى عليه السلام, والطمسُ هو المحو والإخفاء فلا يُعلم أين ذهب المال ولا كيف ذهب, ومثل هذه الهزة والتخبُط الذي أصاب أموال العالم على موائد القُمار الخفي (البورصات والأسواق المالية), ما كان ليحدث لولا فساد أصل هذا المال وفساد طُرق التعامل بهِ وفساد الوجوه التي يُنفق بها, وإذا نخرَت سُوسة الفسادُ في شجرة المال والأعمال فلا شفاء لها ولا نقاء إلا بقطعها, قال تعالى : {ومثلُ كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجتُثت من فوق الأرض ما لها من قرار 26} سورة إبراهيم.

وآخر دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين, وصلى الله على مُحمد وعلى آله وصحبهِ أجمعين.  
  
الهوامش:
(1) التاج ص 544 تكملة ج2.
(2) مختصر تفسير ابن كثير.
(3) مختصر تفسير ابن كثير.
(4) كما هو معلوم فإن أهالي قرى القُدس يلفظون القاف (كاف), لذا فإن اسم العائلة الشائع بين عامة الناس في فلسطين هو كراعين, وفي السجلات المدنية الرسمية للمملكة الأردنية الهاشمية فإن بعض الأخوة وأبناء العمومة من أفراد القبيلة مُسجل تحت اسم (القراعين) والبعض الآخر تحت اسم (الكراعين), لذا فقد طلبت السُلطُات الرسمية في الأردن قبل نحو 13 سنة توحيد تسمية العائلة وخيرتهم بين اسمي كراعين أو قراعين, ونتيجةً لطغيان اللكنة العامية على اللغة الفُصحى وسهولتها على ألسنة الناس فقد اختار كبار العائلة تسمية (كراعين) لتكون هي الاسم الرسمي المُوحد لأبناء العائلة.
(5) من سلسلة قصص من القرآن الكريم , تأليف محمد كامل حسن المحامي , كتاب نبي في بطن الحوت.
(6) قراءة البحث كاملاً ومعرفة المزيد من التفاصيل على العنوان التالي:  
         http://www.haridy.com/ib/showthread.php?t=30016
(7) مختصر تفسير ابن كثير.

مواضيع ذات صلة على الروابط التالية: 

إرهاصات وليد الحيتان


* نُشر لأول مرة على مدونة المسبار السحري بتاريخ 2-12-2008
فكرة وإعداد: وليد القراعين.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق