السبت، 9 مارس 2013

الوليد بن عمران موسى عليه السلام (ج3)


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أكرم النبيين سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه والتابعين, وتابعيهم بإحسان ٍ إلى يوم الدين.
أما بعد ؛ هذا هو الجزء الثالث من بحث (الوليد بن عمران موسى عليه السلام), وسوف أستعرض في هذا الجزء جانباً من الآيات والمعجزات الكُبرى التي أيدَ اللهُ بها نبيهُ موسى عليه السلام, ومع ذكر كل معجزةٍ وآية سوف أقوم ببيان وتوضيح تجليات هذه المعجزة في اسم (وليد) خاصةً, والذي هو معنى اسم (موسى) باللغة المصرية القديمة كما بينت ذلك في الجزء الأول, وقد ورد هذا الاسم في القرآن على لسان فرعون في حديثه مع موسى عليه السلام, قال تعالى: {قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين 18} الشعراء.
وفي بعض الفقرات فإنني سوف استعين باسم أبي (أحمد) واسم جدي (محمد) لإكمال بيان واحدة من المعجزات الجِسام, وهي معجزة شق البحر بعصا موسى عليه السلام, وكذلك هناك فقرة خاصة باسم عائلتي (الكراعين), والذي هو كما مر معنا في الأجزاء السابقة اللفظ المحلي لأهالي قرى فلسطين لاسم (قراعين), وقراعين هو اسم جدي الأكبر (قرة عين), وقرة عين هو وصف امرأة فرعون لموسى عليه السلام في القرآن, قال تعالى:{وقالت امرأتُ فرعون قرتُ عينٍ لي ولك , لا تقتلوهُ عسى أن ينفعنا أو نتخذهُ ولداً وهم لا يشعرون 9} القصص.  

 آيات موسى الكُبرى في وليد الكراعين
لقد أيَدَ اللهُ نبيهُ موسى عليه الصلاةُ والسلام بمعجزاتٍ مُبهرة وأعطاهُ من الآيات العظيمة والأدلة القاهرة, وابتعثهُ إلى فرعون وملئه لتقوم عليهم الحُجة بالبرهان القاطع الواضح, قال تعالى : {فألقى عصاهُ فإذا هِيَ ثُعبانٌ مُبين 32 ونَزَعَ يَدهُ فإذا هي بيضاء للناظرين 33} سورة الشُعراء.

وقد بعث الله موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون وهامان بآيتان عظيمتان لمُوازنة قضيتان خطيرتان, أولهما أن موسى بدعوته إلى الله الواحد الأحد سوف يُبطل إدعاء فرعون الإلوهية وهذا يقتضي القتل أو الحبس أو الطرد من مملكة فرعون, وثانيهما أن لقوم فرعون على موسى دم ودية ذلك الرجل الذي قتلهُ موسى عليه السلام, وهذا يقتضي أن لا يخرج موسى من حضرة فرعون وملأهُ قبل أن يُسأل ويُحاسب على هذا الفعل, وبمقابل هذان الموقفان الصعبان اللذان سوف يواجههما موسى في حضرة فرعون وهامان, فلا بد من أسبابٍ ظاهرة وجيهة لنجاة موسى من هذه المحنة الشديدة, وبالمقارنة بين المعجزتين اللتان ابتعث الله موسى بهما إلى فرعون, فإن معجزة العصا تأتي بالمقام الأول لِما فيها من تحويل الشيء الجامد الثابت المحدود إلى حي مُتحرك مُطلق, وكذلك فإن خصوصية هذه المُعجزة وأهميتها العُظمى تكمُن في مقدرتها على إدخال الرهبة والخوف الشديد إلى نفس فرعون وحاشيته وجنده, وهذه المُهمة أنجزها الثُعبان الهائل القوي, والثُعبان حيوانٌ تزيغ الأعين وتقشعر الأبدان بمجرد النظر إليه على طبيعته, فكيف الحال إذا صاحب ظهورهُ فعلٌ خارقاً للعادة, فإن هذا من شأنه أن يُبقي فرعون وملأهُ تحت وطأة الخوف والقلق من حدثٍ غير معتاد يجري لهم على يدي موسى عليه السلام وعصاهُ مُتعددة الأغراض, وقد كان خوفهم في مكانه, فبضربةٍ من عصا موسى انشق البحرُ نصفين فمر موسى ومن معهُ وغرق فرعون ومن تبعهُ, وزالت بذلك دولة الفرعون المُتكبر وصارت عبرةً لكل من يسير سيرها وينهجُ نهجها في الظلم والعناد.

لطيفة قرآنية:
قال تعالى: {فأراهُ الآية الكُبرى 20 فكذب وعصى 21 ثم أدبر يسعى 22} سورة النازعات.
{الآية الكُبرى} هي جُملة مُفردة تفيد الجمع, وذلك أن موسى عليه السلام كما في الآيتين السابقتين من سورة الشعراء قد أظهر لفرعون كِلا الآيتين معاً (العصا واليد), وهذا ما دل عليه التفسير, وكما ذكرتُ في الفقرة السابقة فإن آية العصا هي الأكبر والأكثر أهمية مقارنةً بآية اليد, ونستطيع أن نستنبط ما يدل على كِبَر آية العصا وشدة سلطانها على قلب فرعون من خلال آيات سورة النازعات أعلاه.
بدايةً بالآية رقم 20 التي وردت فيها كلمة (الكُبرى), وكما هو معلوم فإن أحد أشهر وأقوى أنواع الأفاعي هو أفعى (الكُبرى), ولعل هذا يعطينا إشعاراً إضافياً بأن عصا موسى قد تحولت إلى أفعى نوع كُبرى.
ثانياً, نجدُ في الآيتين رقم (21 و 22) اللتان صورتا ردة فعل فرعون بعدما شاهد الآيات, لفظاً متشابهاً وبحسب ترتيب الآيتين مع اللفظ الذي جاء في ذكر آية عصا موسى بسياقين مختلفين.
ففي الآية رقم (21) نجدُ لفظ (عصى) ومعناهُ ضد )أطاع(, وكذلك فإن لفظ (عصى) بكسر الألف هو ذاته لفظ (عصا) بمد الألف وهي أداة معجزة موسى عليه السلام, وفي الآية التالية رقم (22) نجدُ لفظ (أدبر) وهو فعل معناهُ (ولى ظهرهُ), وهذا ما فعلهُ موسى عليه السلام بعدما رأى عصاهُ قد تحولت لثعبان, قال تعالى : {وألق ِ عصاك, فلما رآها تهتزُ كأنها جانٌ ولَى مُدبراً ولم يُعقب, يا موسى لا تخف إني لا يخافُ لدي المُرسَلون 10} سورة النمل.
ونجد في الآية رقم 22 أيضاً لفظ (يسعى), والسعي هو حالة عصا موسى بعد أن ألقاها وتحولت إلى حية بأمر الله, قال تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى 17 قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى 18 قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى 19 فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى 20} سورة طه.

وليد .. الآية الكبرى
إن العصا واليد مُعجزتان مُرتبطتان ببعضهما حسياً, كون أن (العصا) أداةٌ تُمسك (باليد), وإذا كانت آية {الآية الكُبرى 20} جملة مفردة أفادت الجمع بين معجزتي العصا واليد لموسى عليه السلام, فإن (وليد) كذلك اسمٌ مفرد يُفيد الجمع بين ذات المعجزتين, كما في الشرح التالي:

* نقوم بتقسيم اسم وليد على النحو التالي: وليد = ل + و + يد.

ل : إن رسم حرف اللام يشبه شكل العصا المعقوفة مقلوبة كتلك التي على يسار الصورة, والعصا هي الأداة الرئيسية التي سخرها الله لإظهار طلاقة قدرته لموسى وقومه.
يد: واليد هي الأداة الثانية التي أيَدَ اللهُ بها نبيهُ موسى عليه السلام وجعلها آيةً بنورها الساطع للأنام.
و: حرف الواو, ويُكتب بالإنجليزية WAW , وهي لفظة يستخدمها الأعاجم للتعبير عن الدهشة والتعجب, والدهشة والخوف الشديد هو ما أصاب موسى عليه السلام بعدما شاهد عصاهُ قد انقلبت إلى ثُعبان, قال تعالى : {وألق ِ عصاك, فلما رآها تهتزُ كأنها جانٌ ولَى مُدبراً ولم يُعقب, يا موسى لا تخف إني لا يخافُ لدي المُرسَلون 10} سورة النمل. والدهشة والاستغراب الشديد هو ما أصاب فرعون بعدما رأى معجزات موسى الباهرة, فأبى عليه عنادهُ وكفرهُ إلا أن يقول في موسى, قوله تعالى : {قال للملإ حولهُ إنَ هذا لساحرٌ عليم 34} الشُعراء. والدهشة والخضوع هو ما أصاب سَحرة فرعون بعدما رأوا ثُعبان موسى عليه السلام تجمعُ عصيهم من كل بُقعة وتبتلعها فخروا لله ساجدين, قال تعالى : {فألقى مُوسى عصاهُ فإذا هي تلقفُ ما يأفكون 45 فأُلقي السحرةُ ساجدين 46 قالوا آمَنَا برب العالمين 47} الشُعراء.

والآن وبعد أن بينتُ باختصارٍ شديد كيفية اجتماع مُعجزتي (العصا واليد) في اسم (وليد), سأُبين بالتفصيل المُفيد كيفية انطواء كلٍ من المعجزتين على حِداً في اسم (وليد). 

1- معجزة العصا والثعبان في اسم وليد
قال تعالى: {فألقى عصاهُ فإذا هي ثُعبانٌ مُبين 32}
ثُعبانٌ مُبين: أي ظاهر واضح في غاية الجلاء والوضوح, ذات قوام وفم كبير وشكلٍ هائلٍ مُزعج (مختصر تفسير ابن كثير).
ولو تمحصنا في اسم (وليد) فإننا سنجدُ العصا وصفات الثُعبان المُبين حاضرين:
وليد = و + ل + يد = ل + ويد.
ل: (العصا), كما ذكرتُ سابقاً فإن كتابة حرف اللام ( ل ) تشبه شكل العصا المعقوفة بشكل مقوس مقلوبة كتلك التي في الصورة.
ويد:إن هذه الحروف العربية الثلاثة تُعادل حروف (W,I,D) الإنجليزية, وتُمثل هذه الحروف مُجتمعة على الترتيب لفظ كلمة (Wide), علماً بأن حرف (e) في نهاية هذه الكلمة يُكتب ولا يُلفظ, وتُستخدم كلمة (wide) باللغة الإنجليزية بمعنى واسع وكبير وهائل (1), وهذه المعاني تُعبر عن صفات ثُعبان موسى عليه السلام كما وصفهُ الله في القرآن {ثُعبانٌ مُبين}.
كذلك وبحسب معاني كلمة (wide) في قاموس اللغة الإنجليزية فإن جُملة : (Wide mouthed) تعني واسع الفم, نَهِم, جشع (1). وهذا هو وصف فم ثُعبان موسى عليه السلام كما ذكره ابن كثير – رحمهُ الله - في التفسير أعلاه, وهذه الوصف لِنَهم هذا الثُعبان وسِعة فَمهُ عبر عنها القرآن في قوله تعالى: {فألقى موسى عصاهُ فإذا هي تلقفُ ما يأفكون 45} الشعراء, أي تخطفهُ وتجمعهُ من كل بُقعةٍ وتبتلعهُ فلم تدع منهُ شيئاً.

2- مُعجزة يد موسى في اسم وليد
قال تعالى لموسى عليه السلام: {اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء} [32, القصص].
(أي إذا أدخلت يدك في جيب درعك ثم أخرجتها, فإنها تخرج تتلألأ كأنها قطعة قمر في لمعان البرق, ولهذا قال {من غير سوء} : أي من غير بَرص). مختصر تفسير ابن كثير.
وفيما يلي بيان الكيفية التي انطوت فيها معجزة اليد الموسوية في اسم (وليد):
وليد = ول + يد .
ول: الشطر الأول من اسم (وليد), ويعادلها لفظاً باللغة الإنجليزية كلمة (Well), وتأتي هذه الكلمة بمعنى : حَسناً, ومُعافى, ومتمتع بصحةٍ جيدة (1).
يد: عضو من أعضاء الإنسان غني عن التعريف.
والآن فإن : وليد = ول + يد = well + يد = حسناً مُعافى + يد.
وهذه النتيجة التحليلية لاسم (وليد) تُعبر تماماً عن عما جاء في الآية الكريمة من ذكر معجزة يد موسى عليه السلام.
قال تعالى: {اسلك (يدك) في جيبك تخرج بيضاء (من غير سوء)}.
يدك = يد, وهي الأداة الرئيسية في المعجزة.
من غير سوء = ول (well) بمعنى مُعافى بحالة جيدة, أي أن يدك يا موسى تخرج من جيب درعك مُعافاة صحيحة ليس بياضها الساطع من بَرَصْ.

معجزة انشقاق البحر لبني إسرائيل كرامةً لنبيهم موسى وأخاهُ هارون الوزير
لقد شكلت حادثة انشقاق البحر لبني إسرائيل منعرجاً هاماً ومفصلاً خطيراً في تاريخهم, حيثُ جاءت هذه الحادثة العظيمة بعد سنواتٍ وعقودٍ طويلة من الصبر على أذى فرعون وقومه, وقد كان اجتياز بني إسرائيل لخندق الماء في عرض البحر يمثُل خطواتهم الأخيرة للخروج من سجن فرعون ونفقهِ المظلم إلى الحرية وسعة العيش, ولكن للأسف الشديد فقد أساء نفرٌ كثيرٌ من بني إسرائيل شكر هذه المنحة الربانية, وأذهلت عقولهم تلك النقلة النوعية, وانتقلوا من عبودية فرعون الإجبارية إلى عبودية الأصنام والوثنية بكل حرية, وذلك استجابةً لدعوة السامري الذي صنع لهم إلهاً من الحُلي الذهبية.
وإن الحديث عن هذه المعجزة الكُبرى وتفاصيلها وحيثياتها وتبعاتها يطول ولا تتسع له هذه السطور, وسيكون هناك بحثاً مُنفصلاً لشرح جانباً من تجليات هذا الفتح الرباني المُبين والعطف على رُسله وعباده الصالحين, وفيما يلي أُقدم فقرةً خاصة أُبين من خلالها المُعطيات الأساسية لآية انشقاق البحر, وذلك من خلال حروف اسمي الثلاثي على الترتيب (وليد أحمد محمد).
وسيكون اسمي (وليد) دليلنا لمعرفة أداة المُعجزة من خلال حرف اللام (ل), بينما ستكون الحروف الثلاثة المتبقية (و,د,ي) دليلنا لمعرفة صفة الطريق الذي سار فيه بني إسرائيل.
وأما اسم أبي (أحمد) فإنه سيكون دليلنا لمعرفة المكان الذي حدثت فيه المعجزة, وذلك من خلال حرف الحاء (ح), وكذلك فإنه سوف يدلنا على معرفة ردة فعل البحر على ضربة موسى لهُ بعصاه, وذلك من خلال حرف الألف (أ), وأما حرف الميم (م) فإنه وبالاشتراك مع حرف الميم الأول من اسم جدي (محمد), سوف يُصور لنا مشهد شَقيْ البحر واليابسة التي بينهما بأسلوبٍ بديع لا يخطر على البال, وأخيراً فإن حرف الدال (د) بالمشاركة مع حرف الدال الذي في اسم جدي (محمد), سوف يكون دليلنا لمعرفة صفة شقي البحر.
وأما الاِسم الثالث والأخير وهو اِسم جدي (محمد), فإنه سيكون دليلنا لمعرفة طبيعة ومواصفات البحر الذي وقعت فيه المعجزة, وذلك من خلال حرفي الحاء والميم (حم) اللذان في وسط الاسم, وبالنسبة لحرف الميم الأول وحرف الدال الأخير في هذا الاسم, فقد وضحت ما سيدلان عليه بالمشاركة مع حرفي الميم والدال في اسم (أحمد).
والآن أنتقلُ إلى بيان هذه الوقائع والأحداث الكامنة في حروف اسمي المبينة أعلاه بالشرح والتفصيل, وسيكون شرح الحروف بحسب ترتيب أحداث المعجزة بالآيات الكريمة, لا بحسب ترتيب الحروف في الاسم الثلاثي (وليد أحمد محمد).   

معجزة انشقاق البحر في اسم وليد أحمد محمد
قال تعالى: {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بِعَصاك البحر , فانفلقَ فكان كلُ فِرقٍ كالطودِ العظيم 63} سورة الشُعراء.

أولاً: الأداة والمكان
قال تعالى: {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بِعَصاك البحر}

* أداة المعجزة في (لام) وليد
أداة المعجزة الرئيسية وهي عصا موسى مُتعددة الأغراض نجدها في حرف اللام وهو الحرف الثاني من اسم وليد.
ل: كما ذكرتُ في الفقرات السابقة فإن كتابة حرف اللام ( ل ) تشبه شكل العصا المعقوفة بشكل مقوس مقلوبة كتلك التي في الصورة.

* مكان المعجزة في (حاء) أحمد
 المكان الذي وقعت عنده هذه المعجزة العظيمة هو البحر, وهذا البحر تحديداً بحسب ما جاء في كتب التفسير – مثل مختصر تفسير ابن كثير- هو بحر (القلزم) أو ما يُعرف اليوم باِسم (البحر الأحمر), ونجدُ دلالة اسم البحر الأحمر في حرف الحاء (ح) الذي هو الحرف الثاني في اسم (أحمد), وعلى النحو التالي:
 بحر:  كلمة تتكون من ثلاثة حروف يتوسطها حرف الحاء, وأول ثلاثة حروف من اسم أحمد (أحم) يتوسطها أيضاً حرف الحاء.
أحمر: إن أول ثلاثة حروف من أحمر (أحم) هي كذلك فإن أول ثلاثة حروف من اسم أحمد (أحم).
وهكذا فإن حرف (الحاء) في اسم أحمد, وبمساعدة الحرف الذي قبله والحرف الذي بعده يكون قد دلنا على مكان المعجزة وهو (البحر الأحمر).

* طبيعة البحر الأحمر في (حاء وميم) محمد
تعتبر ظاهرة الحمم البركانية المُلتهبة والشقوق الأرضية ظاهرةً طبيعية بارزة يتميز بها البحر الأحمر منذ آلاف السنين (2), وعلى عكس ما يعتقد البعض فإن درجات الحرارة في أعماق البحر قد ترتفع عشرات أضعاف الحرارة على سطحه, ونجدُ سر هذه الحمم البركانية التي تُميز البحر الأحمر كامناً في وسط اسم (محمد) وتحديداً في حرفي الحاء والميم (حم).
حم: في قاموس مختار الصحاح فإن (حَمَ) الماء سَخَنهُ, وحمَ الماء بنسفهِ صار حاراً.
ولو استبدلنا حرف الميم في كلمة (حم) بلفظهِ (ميم) فإنها تصيرُ (حميم), وهو الماءُ الحارُ ومنهُ كلمة استحم, و (الحُمَمُ) الرماد والفحم وكل ما احترق من النار, وقد كان هذا الحمم والحميم الذي في قاع البحر الأحمر هو الماء الذي استحمَ به أموات آل فرعون, لعلهم وإن لم يُسعفهم المقام للتطهُر من نجاساتهم المعنوية, يتطهرون من نجاستهم البدنية. 

ثانياً: انفلاق البحر إلى نصفين
 {فانفلق}

* الفعل في (ألف) أحمد
أ: حرف الألف, ولو قمنا بقراءة لفظ (ألف) بصورة معكوسة فإننا نحصل على كلمة (فلأ).
وكلمة (فلأ) باللهجة المحلية المصرية تُعادل كلمة (فلق) باللغة العربية الفُصحى, حيثُ أن المصريين يلفظون بدل حرف (القاف) حرف (الألف), مثلاً: قريب - أريب, قال – آل, وعليه فإن: فلق تصبح بلغة المصريين (فلأ), وبما أن معجزة انفلاق البحر قد تمت على الشاطئ المصري من البحر الأحمر,  فأنهُ من الأصح لنا أن نتكلم بلهجة أصحاب الأرض ونقول أن البحر قد (انفلأ) لبني إسرائيل.
وفي قاموس مُختار الصحاح للإمام الرازي فإن (فلق) : الشيء شقَهُ وبابهُ نصرَ وضرَبَ, ومثلهُ يُقال : فلقهُ فانفلق وتفلقَ.

ثالثاً: سر اليابسة وصفة الطريق
قال تعالى: {ولقد أوحينا إلى موسى أن أسرِ بِعبادي فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخافُ دَرَكاً ولا تخشى 77} سورة طه.

* سر اليابسة
بحسب الروايات الإسرائيلية فإن الله عز وجل قد أرسل رياحاً شرقية قوية لتجفيف طين البحر وتيبيسها, وسواءً أصحت هذه الروايات أم لا, فإنهُ ثمة في أسفل بِحر قلزم (البحر الأحمر) وقيعانه وسائل تجفيف وتيبيس على أُهبة الاستعداد للعمل بإذن ربها وتحويل الطين إلى مِهاد, حيثُ أنهُ من الممكن أن تكون ظاهرة الحمم البركانية التي يتميز بها البحر الأحمر واحدة من العوامل التي ساهمت في تجفيف أرض البحر خاصةً في الأماكن العميقة منه, وذلك أنهُ ونتيجةً لاهتزاز البحر واضطرابه الشديد تصُدعاً للأمر الإلهي بانشقاقه, فإن ما في باطن البحر من حِمم ومعادن مُلتهبة ربما يكون قد ثار وتحرك, وبعد أن انشق البحر وزال الماء تماماً أو اضمحل عن المنطقة المشقوقة, صارت القشرة الأرضية في الأماكن العميقة خاصةً عُرضة للجفاف السريع بسبب الحمم البركانية التي تغلي تحتها.

* صفة الطريق في (الواو والياء والدال) من اسم وليد
لقد كان الطريق الذي شقهُ اللهُ لبني إسرائيل في البحر واسعاً رحيباً لئلا يتدافعوا أثناء مسيرهم فيه فيسقط بعضهم على بعض ويتأخرون أو يعجزون عن استكمال المسير, وهذه السِعة والرحابة التي كان عليها الطريق في شق البحر نجدُها في الحروف المذكورة أعلاهُ من اسم وليد (ويد).
ويد:كما ذكرتُ في فقرة ثُعبان موسى عليه السلام فإن هذه الحروف العربية الثلاثة (و, ي, د) تُعادل الحروف  الإنجليزية (W,I,D), وتُمثل هذه الحروف مُجتمعة على الترتيب لفظ كلمة (Wide), مع العلم بأن حرف (e) في نهاية هذه الكلمة يُكتب ولا يُلفظ, وتُستخدم كلمة (wide) باللغة الإنجليزية بمعنى (واسع وعريض ورحيب) (1), وهذه المعاني تُمثل صفات الطريق الذي سهلهُ الله لبني إسرائيل في وسط الماء.
  
رابعاً: شقي البحر وما بينهما
{فكان كلُ فِرق}.

* البحرين واليابسة التي بينهما في (ميم) أحمد و (ميم) محمد الأولى
بعد أن انفلق البحر بضربة عصا موسى عليه السلام إلى شطْريْن, صار كأنهُ بحرين مُنفصلين بينهما يابسة, ونجدُ صورة هذه الظاهرة الطبيعية النادرة والمؤقتة ظاهرةً لنا في لفظ حرف (الميم), ولفظ (ميم) يتضمن حرفي ميم (م) في أوله وثالثه, ولحُسن الحظ فقد تبقى لدينا حرْفيْ ميم, واحدة في أول اسم (محمد), والثانية في ثالث اسم (أحمد), تماماً كترتيب حرْفيْ الميم (م) في لفظ (ميم).

ميم: إن حرف الياء (ي) في وسط لفظ (ميم) يُمثل نقطة الارتكاز التي سوف ننطلق منها, حيث أن حرف الياء مع حرف الميم الأول الذي قبلهُ يُعطينا كلمة (يم), وكذلك فإن حرف الياء مع الميم الثالثة التي بعدهُ يُعطينا كلمة (يم) أيضاً, وهكذا فإننا نكون قد حصلنا على كلمة (يم) مرتين, واليم في اللغة هو (البحر), وبالنسبة لحرف الياء نفسهُ الذي هو مركز هاذين البحرين والمتوسط بينهما, فإنهُ يُمثل أول حرف من كلمة (يابسة) ويدل عليها.
وهكذا فإننا نكون قد حصلنا من لفظ حرف (الميم) على فِرقيْ (شَقَيْ) البحر و(اليابسة) التي بينهما.
وقد سار بني إسرائيل على اليابسة الواقعة بين بحريْ الماء بكل أمان بإذن ربهم, دون خشيةٍ من أن يتهدم هذا الجبلان المائيان المُتقابلان عليهم, قال تعالى: {مرجَ البحرين يلتقيان 19 بينهُما برزخٌ لا يبغيان 20} سورة الرحمَن. برزخٌ: حاجزٌ أرضي طبيعي أو من قدرتهِ تعالى.
  
خامساً: صفة شقي البحر  
{كالطود العظيم}

* الطود في (دال) أحمد ومحمد
الطود هو الجبل العظيم, ولقد تشكل نتيجة انشقاق البحر طودين على كلا الجانبين, وإننا نجدُ دلالة هاذين الطودين في حرفيْ الدال (د) في اسمي أحمد ومحمد, حيثُ أن آخر حرف في هذين الاسمين هو حرف الدال, وكذلك فإن آخر حرف في كلمة (طود) هو حرف الدال, وبحيث تكون الدال التي في اسم (أحمد) دالة على أحد الطودين المائيين, والدال التي في اسم (محمد) دالة على الطود الآخر.
وختاماً لهذه الفقرة, وفي طور بياني لمعجزة انشقاق البحر من خلال حروف اسمي الثلاثي (وليد أحمد محمد), فإنهُ تجدُر الإشارة إلى أن هناك ظاهرة طبيعية هامة ترتبط بالبحر, منطوية في اسميْ (أحمد ومحمد), وهذه الظاهرة الطبيعية هي ظاهرة (المد), وتتجسدُ لفظياً في آخر حرفين من اسميْ أحمد ومحمد (مد), قال تعالى: {ولو أنما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحرُ يمُدهُ من بعدهِ سبعةُ أبحُرٍ ما نفِدت كلمات الله. إن الله عزيزٌ حكيم 27} سورة لقمان.

معجزة انفجار عيون الماء في الكراعين
ومن المعجزات الأخرى الخالدة التي أنعمَ اللهُ بها على نبيه موسى عليه السلام, مُعجزة تفجير عيون الماء من الحجر اليابس ليشرب منهُ بني إسرائيل في عطشهم وحلهم وترحالهم, قال تعالى : {وإذ استسقى موسى لقومهِ فقُلنا اضرب بعصاك الحجر, فانفجرت منهُ اثنتا عشرةَ عيناً, قد علمَ كلُ أُناس ِ مشربهم, كُلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مُفسدين 60} سورة البقرة. وقد انطوت هذه الآية العظيمة في اسم عائلتي (الكراعين) وهو اللفظ العامي القروي للقراعين, وفيما يلي التفصيل:
نُقَسم كلمة الكراعين على النحو التالي : كراعين = كر + ا + عين.
كر : نُبدل مواضع حرفيها فتصبح (رك), وإذا ضممنا حرف الراء (رُك) فإننا نحصل على لفظ كلمة (Rock) الإنجليزي والتي تعني صخرة, والصخرة هي الحجر الكبير القاسي , والحجر اليابس الجاف مما لا يتخيل الإنسانُ نفعه كخروج الماء منه أو نمو النبات عليه, لذا جعله اللهُ آيةً لموسى عليه السلام وأظهر قدرتهُ فيه.
ا : حرف الألف الممدودة, ورسمها يشبه شكل العصا أيضاً كما حرف اللام, والألف منها المكسورة والمهموزة, وهذه الألف الممدودة تُسمى أيضاً في اللغة عصا الألف.
عين : وتحتمل معاني وتأويلات عديدة من ضمنها عين الماء وهذا هو المعنى المُراد ها هُنا.
والآن نُعوض هذه النتائج في اسم (كراعين):
كراعين = كر + ا + عين
          = حجر يابس + عصا + عين ماء
فإذا أخذنا العصا وضربنا بها الحجر اليابس يتفجر لنا الباقي من اسم (الكراعين) وهو عين الماء, و (العصا والحجر والعين) هي العناصر الثلاثة الأساسية في معجزة موسى عليه السلام.
وهكذا نكون قد عرفنا سراً جديداً من أسرار الكراعين, تجلت فيه آيةً جليلة من آيات نبي الله الوليد موسى قرة العين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

* فكرة وإعداد: وليد أحمد محمد الكراعين
نُشر لأول مرة في مدونة المسبار السحري بتاريخ : 18 – 9 - 2009

المراجع:
- كتاب مختصر تفسير ابن كثير.
- قاموس (المورد) إنجليزي – عربي, الطبعة السابعة 1974, لمؤلفه : منير البعلبكي.
- قاموس مُختار الصحاح عربي – عربي, للإمام الرازي.

الهوامش:
1- إن المعاني المذكورة لكلمتي (well) و(Wide) في هذا البحث تم استخراجها من قاموس (المورد) إنجليزي – عربي, الطبعة السابعة 1974, لمؤلفه : منير البعلبكي. كذلك تم مراجعة بعض القواميس الإلكترونية التي أفادت ذات المعاني.

2- هذه المعلومات حول البحر الأحمر متوفرة في عدة أبحاث علمية منشورة على الويب.

مواضيع ذات صلة على الرابط التالي:

الوليد بن عمران موسى عليه السلام (ج2)










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق