الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010

آدم الوليد والميلاد المجيد

   
   
 بسم الله الرحمَن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين.
أما بعد؛ قال تعالى في مُقدمة (سورة التين) مُقسِماً: {والتين والزيتون 1}, وهما بحسب ما ذكر المفسرون بيت المقدس وما حولهُ من أرض الشام, وبيت المقدس هي المدينة التي تنتمي إليها عائلتي (القراعين), وعمان وهي من أكبر مدن الشام, هي المدينة التي ولدتُ ونشأت ومازلتُ اسكن فيها إلى الآن.
ثم قال سبحانهُ وتعالى في نفس السورة: {لقد خلقنا الإنسان في أحسنِ تقويم 4}.
وقولهُ تعالى:{في أحسن ِ تقويم} يعني في أحسن ِ صورة, والتقويم كذلك كلمةً تُستخدم للدلالة على الأعوام القمرية والسنوات الشمسية, ومن لطائف هذه الآية التي تحدثت عن خلق الإنسان في أحسن ِ صورةٍ كان, أن رقم الآية هو (4) على عدد خانات السنة الميلادية (الشمسية) والعام الهجري (القمري) اللذان خُلقتُ ووُلدتُ فيهما [1976م - 1396 هجري], والرقم أربعة (4) هو كذلك عدد حروف اسمي (وليد), واسم أمي وأبي اللذان أنجباني (وصال) و (أحمد).

قال تعالى: {واللهُ خلقَ كلَ دابةٍ من ماء, فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربعٍ. يخلقُ اللهُ ما يشاء. إن الله على كل شيءٍ قدير 45} سورة النور. {يمشي على بطنه} مثل الحيات, {يمشي على رجلين} مثل الطير والإنسان, {يمشي على أربع} مثل الأنعام وغالبية الحيوان.
وسأعمل في هذا المقال على تسليط الضوء على مجموعة من الإشارات القرآنية الخفية المرتبطة بخلقي ووالدتي, والمنطوية في آيات خلق أول البشر آدم (عليه السلام), وآيات نسل و ولادات الأنعام.
قال تعالى: {قل هو نبأ ٌ عظيم 67 أنتم عنهُ معرضون 68 ما كان لي من علمٍ بالملأ الأعلى إذ يختصمون 69 إن يُوحى إليَ إلا أنما أنا نذيرٌ مُبين 70 إذ قال ربُكَ للملائكةِ إني خالقٌ بشراً من طين 71} سورة ص.

آدم الوليد في آيات القرآن المجيد
قال تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من صلصالٍ من حَمَإٍ مسنون 26} سورة الحِجر.
الإنسان: الإنسان بديهةً هو المخلوق البشري, وهو آدم وزوجه وذريته, وهو خليفة الله في الأرض, والإنسان هو اسم سورةٍ من سور القرآن الكريم تأتي في الترتيب رقم (76) بين سور هذا الكتاب المُبين, والرقم (76) هو رقم سنة ميلادي الذي كان في سنة (1976م), كما أن لفظ كلمة إنسان يتناغم مع لفظ الشهر الذي ولدتُ فيه وهو شهر (نيسان), حيث يتطابق آخر ثلاثة حروف من كلا الكلمتين (سان).
وإذا بدلنا أماكن حرفي (السين والياء) في كلمة (نيسان) فإنها تصير (نسيان), وكما قال ابن عباس (رضي الله عنه): (إنما سُمي إنساناً لأنهُ عُهِدَ إليه فنسي), قال تعالى: {ولقد عَهِدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد لهُ عزماً 115} سورة طه.
وهو كذلك إنسان لأنهُ كان في طي النسيان, قال تعالى: {هل أتى على الإنسانِ حينٌ من الدهرِ لم يكن شيئاً مذكوراً 1 إنا خلقنا الإنسان من نطفةٍ أمشاجٍ نبتليه فجعلناهُ سميعاً بصيراً 2} سورة الإنسان.
وقولهُ: {ولقد خلقنا الإنسان} يعني كَوَناهُ وأوجدناهُ, وقد بدأ الله خلق الإنسان من مكوناته الطبيعية وهي التراب والماء, ثم بعد ذلك بدأ تناسل هذا المخلوق البشري عن طريق امتزاج ماء الرجل مع ماء المرأة, قال تعالى: {الذي أحسنَ كل شيءٍ خَلَقَهُ , وبدأ خَلقَ الإنسانَ من طين 7 ثُم جعل نسلهُ من سُلالةٍ من ماءٍ مهين 8} سورة السجدة, وقال تعالى: {.. يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ 6} سورة الزمر.

صلصال: قال ابن عباس هو التُراب اليابس كالفخار, ولفظياً فإن آخر ثلاثة حروف من كلمة (صلصال) هي كذلك آخر ثلاثة حروف من اسم أمي (وصال) على الترتيب (ص, ا, ل), وأول حرفين من كلمة صلصال هما (صل) من الوصل, وحرف الواو هو من أشهر حروف الربط والوصل, وإذا استبدلناهُ بحرفي (صل) في كلمة (صلصال) فإنها تصبح حقاً (وصال).
حَمَأ: هو الطين الأسود, ولفظياً فإن كلمة (حمأ) تضم أول ثلاثة حروف من اسم أبي (أحمد).
مسنون: يعني مُصَور صورة إنسان أجوف, ومسنون أصلها (سَنَ), والسَنَنُ هي الطريقة, والسُنة هي السيرة, وهي كلمة مقترنة بصاحب الطريقة القويمة والسيرة العظيمة نبي هذه الأمة محمد عليه الصلاة والسلام. ومحمد هو اسمُ أبي (أحمد) وكذلك اسم جداي لأبي وأمي, حيثُ أن والد أبي أحمد اسمه (محمد), و والد أمي وصال اسمه (محمود). 

 قال تعالى: {وإذ قال ربُكَ للملائكة إني خالقٌ بشراً من صلصالٍ من حمإٍ مسنون 28 فإذا سَويتُهُ ونفختُ فيه من روحي فقعوا لهُ ساجدين 29 فسجدَ الملائكةُ كُلُهم أجمعون 30 إلا إبليسَ أبى أن يكون مع الساجدين 31 قال يا إبليسُ ما لك ألا تكون مع الساجدين 32 قال لم أكن لأسجد لبشرٍ خلقتهُ من صلصال من حمإٍ مسنون 33} سورة الحِجر.
ورغم أن اسم آدم (عليه السلام) لم يُذكر في هذه الآيات بلفظه المباشر, إلا أننا نفهم تلقائياً من نص ومضمون الآيات أن المقصود هو آدم عليه السلام, لكونهِ الإنسان الذي خلقهُ الله بصفةٍ مُباشرة من التراب والطين, وأمر الملائكة أن يسجدوا لهُ مُعظمين, وخالفهم في هذا الأمر إبليس اللعين وصار من الشياطين.
وإن تكنية الله عن آدم (عليه السلام) بلفظ (بشراً) في سياق الآيات التي تروي قصة خلقهُ وتكريمه, إنما هو ليعلم البشر جميعاً أن الله هو خالقهم وموجدهم, وأنهم مكرمون عندهُ في حضرة الملأ الأعلى من الملائكة, وأن إبليس هو عدوهم الأول الذي يتربص بهم الدوائر, وأن آدم عليه السلام هو أول إنسان وخليفة للرحمَن في الأرض, وهو أول من تعرض لفتنة الشيطان الذي تسبب في إخراجه من رغد الجِنان, وأن خلفاء الله الصالحون في الأرض من بعد آدم كلهم عظماء مكرمون عند ربهم, منذ خلقهم وولادتهم وحتى مماتهم ورجوعهم إلى التراب, وقد شهد تاريخ البشرية نماذج حية من الأنبياء والخلفاء العظماء, الذين كانت ساعة خلقهم ولادتهم وخرجوهم إلى الدنيا مشهودة ومرتقبة, مثل موسى ابن عمران الذي صُنع على عين الرحمَن, والمسيح عيسى ابن مريم الذي خُلق بكلمةٍ من الله المَنَان, ومحمد خير الأنام الذي أضاء بنور هديه الأكوان (عليهم جميعاً الصلاة والسلام).
وعلى مر الزمان فإن خلفاء الله في الأرض يطيعون أمره ويخالفون الشيطان, وقد شاء لي الله الرحمَن – الذي أسأله أن أكون من خلفاءه الصالحين في هذا الزمان- أن اهتدي إلى استنباط تلك الدلالات من ألفاظ هذه الآيات من سورة الحجر, وهي دلالة تاريخ سنة وشهر ميلادي من كلمة (إنسان), ودلالة اسْميْ والديْ من كلمتي (صلصال) العائدة على أمي (وصال), وكلمة (حمأ) العائدة على أبي (أحمد), بالإضافة إلى دلالة اسمي جداي (محمد) و (محمود) من كلمة مسنون.
وإذا قمنا بتعويض هذه الدلالات في نص قوله تعالى: { إني خالقٌ بشراً من (صلصالٍ) من (حمإٍ) مسنون}, فإننا قد نستوحي ما يُشير مجازاً إلى خلقي وتكويني من ماء أمي (وصال) ابنة محمود وماء أبي (أحمد) بن محمد.
وإن لهذا الاستنتاج الذي جاء مُبطناً في معنى الآية ولفظها, وخاصاً بحيث لا يفهمه إلا صاحب العلاقة, دلالات وبراهين أخرى تؤيده وتُقوي صحته, أسوق ما تيسر منها فيما يلي من لطائف المعاني:

لطيفة (1): قال تعالى: {لو أرادَ اللهُ أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلقُ ما يشاء. سبحانهُ, هو اللهُ الواحدُ القهار 4} سورة الزُمر.
يتكون اسم أمي (وصال) من أربعة حروف, كلها موجودة في كلمة (صلصال) باستثناء حرف (الواو), وحرف (الواو) هو الحرف الأول من اسم (وصال), وهو كذلك الحرف الأول من اسمي (وليد) المكون من أربعةِ حروفٍ أيضاً.
ومن الناحية الثانية, يتكون اسم أبي (أحمد) من أربعة حروف أيضاً, كلها موجودة في كلمة (حمأ) باستثناء حرف (الدال), وحرف (الدال) هو الحرف الأخير من اسم (أحمد), وهو أيضاً الحرف الأخير من اسمي (وليد).
أي أن الحرف الأول من اسم (وصال) والغائب عنها في كلمة (صلصال) هو أول حرف من اسمي (وليد), والحرف الأخير من اسم (أحمد) والغائب عنهُ في كلمة (حمأ) هو آخر حرف من اسمي (وليد) أيضاً.
وهذه من أكبر الدلائل على أن هذا الإنسان المخلوق من صلصال (وصال) من حمإ (أحمد) هو (وليد) وليس ولداً آخر غيره. 
قال تعالى: {وألقيتُ عليكَ محبةً مني ولتُصنعَ على عيني} سورة طه: 39.
وإذا جمعنا هذان الحرفان الغائبان وهما أول وآخر حرف من اسم وليد ( حرفي الواو والدال) على الترتيب, فإننا نحصل منهما على كلمة (ود) وهو الحب, والمودة هي الركن الأساسي الأول الذي تقوم عليه العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة, وبين الأب والأم وأولادهما, قال تعالى :{ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة. إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون 21} الروم.

لطيفة (2): قال تعالى: {الرحمَن 1 علم القرآن 2 خلق الإنسان 3} سورة الرحمَن.
لقد تكررت الجملة القرآنية :{من صلصال من حمإٍ مسنون} ثلاثة مرات في القرآن الكريم, وتحديداً في سورة الحجر في الآيات (26, 28, 33), وعدد مرات تكرار هذه الجملة القرآنية يُساوي عدد الحروف التي احتوتها كلمة (صلصال) من اسم أمي (وصال), وهي آخر ثلاثة حروف باسترسال (صال), وكذلك عدد الحروف التي احتوتها كلمة (حَمَإ) من اسم أبي (أحمد), وهي أول ثلاثة حروف (أحم).

لطيفة (3): قال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حملتهُ أمهُ وهناً على وهن وفِصالهُ في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير 14} سورة لقمان.  
نُلاحظ أن كلمة (صلصال) التي دلت على أمي قد تقدمت على كلمة (حمأ) التي دلت على أبي, كذلك فأن دلالة اسم أمي (وصال) في كلمة (صلصال) أقوى وأوضح نسبياً من دلالة اسم أبي (أحمد) في كلمة (حمأ), وهذا أمرٌ طبيعي لكون الأم هي من تتحمل أعباء تخَلُق الجنين في بطنها, إضافةَ إلى أعباء حملهِ وولادته ثم إرضاعه وتربيته, فخليقٌ بها هذا التقديم والإظهار في شأن الخلق والتكاثر, وقد جاء في آيةٍ أُخرى من سورة الرحمَن ذكر ُ (الصلصال) وحيداً في شأن خلق الإنسان, قال تعالى: {خلقَ الإنسان من صلصالٍ كالفخار 14}, وكفى مثلاً على هذه الآية خلقُ الله لنبيه عيسى في بطن أمهِ العذراء مريم (عليهما الصلاة والسلام) دون لقاحٍ ومُشاركةٍ من الرجال, ويُقال: حبل الوصال, وما أدراك ما حبل الوصال؟!

 لطيفة (4): تتشابه أمي (وصال) في ولاداتها كماً ونوعاً مع قرة عين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) السيدة (فاطمة الزهراء), حيثُ أنجبت أمي ثلاثة أولاد, هم: (وائل, وليد, مهند), وابنتان هما: (وسن, ميساء), وهو نفس عدد أولاد فاطمة رضي الله عنها: (الحسن, الحسين, المحسن), وبناتها: (زينب, أم كلثوم).
وكذلك فإن اسم والدا أمي وهو (محمود) و (خديجة) رحمهما الله, هو نفسه اسم والدا  السيدة فاطمة الزهراء وهو (محمد) و (خديجة), صلى الله عليهم وسلم جميعاً.

 لطيفة (5): آدم الطيني وآدم التناسُلي
قال تعالى: {الذي أحسنَ كل شيءٍ خَلَقَهُ , وبدأ خَلقَ الإنسانَ من طين 7 ثُم جعل نسلهُ من سُلالةٍ من ماءٍ مهين 8} سورة السجدة.
إنه لمن دواعي فخري وسروري أن هداني الله إلى معرفة أسرار كتابه الحكيم, وجعل خلقي من أبواي وولادتي مثلاً ذكرهُ مُنطوياً في آيات وسور قرآنه الكريم بمعيية خلق خليفته الأول آدم أبو البشر والمُرسلين (عليهم السلام أجمعين).
ومن الأمور التوافقية بين ولادتي وخلق آدم (عليه السلام), أنني مولود في نفس اليوم الذي خَلقَ الله فيه آدم, وهو يوم الجُمعة المُباركة, قال النبي (عليه الصلاة والسلام) : {إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر , فيه خمس خِلال : خلق الله فيه آدم , وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض , وفيهِ توفى الله آدم ..} من رواية أبي لبابة ابن عبد المنذر.
ومن المُفارقات والمتناقضات بين خلق آدم (عليه السلام) وخلقي وولادتي:
- خُلق آدم عليه السلام من غير أب ولا أم, بينما خُلقت أنا من أب وأم.
- خُلقَ آدم رجُلاً سوياً ناضجاً, بينما ولدتُ أنا طفلاً ضعيفاً.
- قال تعالى: {ذرني ومن خلقتُ وحيداً 11 وجعلتُ لهُ مالاً ممدوداً 12 وبنينَ شُهوداً 13 ومَهَدْتُ لهُ تمهيداً 14} سورة المدثر.
 كان آدم عليه السلام هو أول إنسان يطأ الأرض وأول خليفة على ظهرها, وقد كانت الأرض حينها جديدةٌ خامٌ, نقية الهواء, صافية السماء, غزيرة الينابيع والماء, يانعة الثمرات, كثيرة الغابات وأشكال الكائنات, بسيطة الأدوات والتقنيات .. الخ.
بينما جئتُ أنا إلى هذه الدنيا بعد ما لا يُحصى من البشر الذين سبقوني إليها, والذين ملأت لحومهم وعظامهم بطن الأرض, والأرضُ اليوم تحملُ على ظهرها ما يكادُ يكسره من البشر الذين يُقارب تعدادهم السبعة مليارات نسمة, والأرض في زماني هذا باتت عتيقة مُستهلكة, ملوثة الهواء والأجواء, قليلة الماء, خضارها وفاكهتها وأنعامها غنية بالهرمونات والكيماويات, متآكلة الخُضرة والغابات, مزروعة بالبنايات, ومُنقرضة الحيوانات, ومتطورة في الوسائل والتقنيات.. الخ.

لطيفة (6): الطور الثالث
قال تعالى: {ما لكم لا ترجون لله وقاراً 13 وقد خلقكم أطواراً 14} سورة نوح.
خلقكم أطواراً: مُدَرٍجاً لكم في حالات مختلفة.
فقد خلق الله خليفتهُ آدم عليه السلام من طين الأرض بلا أمٍ أو أب, وهذا هو الطور الأول والأساسي في خلق البشر بلا تناسل مطلقاً.
وخلق الله عبده ونبيه عيسى ابن مريم عليهما السلام في بطن أمهِ بلا أب, وهذا هو الطور الثاني في خلق البشر بالتناسل من النصف الأنثوي فقط. قال تعالى: {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنةٌ في بطون أمهاتكم} [النجم, 32].   
وأما أنا (وليد) فقد خلقني الله من أمٍ وأب, وهذا هو الطور الثالث في خلق البشر من عملية تناسل كاملة العناصر الذكرية والأنثوية, قال تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من صلصالٍ من حمإٍ مسنون 26}. وعلى هذا النحو وبهذه الطريقة خلق الله البشر باستثناء آدم وزوجه والمسيح (عليهم السلام جميعاً).

لطيفة (7): {ولقد خلقنا الإنسان من صلصالٍ من حَمَإٍ مسنون 26}.
 حسب جدول حساب الجُمَل فإن مجموع حساب أعداد أحرف اسمي (وليد) يساوي خمسين [و:6, ل:30, ي:10, د:4 = 50], وإذا أضفنا الرقم خمسين إلى رقم الآية (26) من سورة الحجر فإن المجموع يصبح (76), والرقم (76) يُمثل سنة ميلادي من القرن العشرين, والآية الكريمة (26) هي كما شرحت أعلاه تُمثل تجسيداً باطنياً لهذا الميلاد.

وفي ختام هذه الفقرة, أحمد الله رب العالمين الذي خصني وأهلي بهذا الذكر الخفي المُبين في آيات كتابه الكريم, وفضلنا على كثيرٍ من العالمين, وأسألهُ سبحانهُ أن يجعل في هذا الكتاب عزنا وشرفنا ومجدنا, وأن يُعيذنا من فتنة الشيطان وحقدهُ وشره, إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير, قال تعالى: {فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمنٌ فلا كُفرانَ لِسَعيهِ وإنا لهُ كاتبون 94} سورة  الأنبياء.

ولد وصال و أحمد
قال تعالى: {ما جعل الله من بَحِيرةٍ ولا سائبةٍ (ولا وصيلةٍ ولا حامٍ) ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون 103} سورة المائدة.
البحيرة والسائبة والوصيلة والحام هي من شرائع أهل الجاهلية الباطلة في الأنعام.
والوصيلةٍ هي: الناقة تُترك للطواغيت إذا بكَرت بأنثى ثم ثنت بأنثى ليس بينهما ولد.
والحام هو: الفحل لا يُركب ولا يُحمل عليه إذا لَقِحَ ولدُ ولده, فيقولون حمى هذا ظهرهُ فلا يحملون عليه.
ونجد في هذه الآية الكريمة وتحديداً في جملة: (ولا وصيلةٍ ولا حامٍ) دلالة أخرى خفية وإشارةً باطنية على إنجابي من أبويَ, على غرار تلك الدلالة القوية التي استنبطتها من جملة: (من صلصالٍ من حمإٍ مسنون), من آيات سورة الحِجر. وتشترك كل من هذه الآيات بأنها تتحدث عن الخلق وإنشاء الذرية, وإن كانت آيات سورة الحجر تتحدث عن خلق أبو البشر آدم عليه السلام وذريته, وآية سورة المائدة تتحدث عن ولادات الأنعام وخاصةً (الإبل) أبو الأنعام.
وتمتاز دلالة آية سورة المائدة عن دلالة آيات سورة الحجر بأنها حددت لنا جنس الأبوين بشكل مُباشر بما يُطابق اسميهُما, حيثُ نجد في كلمة (وصيلة) التي هي أنثى الإبل حروف اسم أمي (وصال) الثلاثة (و, ص, ل) وعلى الترتيب كما في كلمة (صلصال). كما أننا نجد في كلمة (حام) الذي هو ذكرُ الإبل حروف اسم أبي (أحمد) الثلاثة (ح, أ, م) ولكن على غير ترتيبها في الاسم كما في كلمة (حمأ).
وبعد أن حددنا موقع وأثر الأب والأم في الآية ننتقل إلى تحديد موقع ولدهم وهو ليس منهما ببعيد, ونجدهُ في حرفي العطف والنفي (ولا) اللذان يسبقان كلمتي (وصيلةٍ وحامٍ), {ولا وصيلةٍ ولا حامٍ), حيث أن كلمة (ولا) بالمصرية العامية هي بمعنى (ولد), وذلك كقولهم : (ولا يا ولا).
والولد هو الوليد, ونستطيع أن نثبت ذلك من خلال هذا التحليل الفريد:
وليد = ول + يد. وعند قراءة (يد) من اليسار إلى اليمين كما تُقرأ الكلمات الإنجليزية فإنها تصبح (دي), و(دي) هو لفظ الحرف لإنجليزي (D).
وبالتالي فإن: وليد = ول + دي = ول + (D). وإن حرف (D) الإنجليزي يُعادل حرف (د) العربي, وعند تعويضه في المعادلة فإننا نحصل على النتيجة المطلوبة:
وليد = ول + D = ول + د = ولد.

ومن ناحيةٍ علمية فإن الجنين كما هو ثابت ينشأ من اندماج (الحيوان المنوي) الذي يُنتجه الأب مع (البويضة) التي تنتجها الأم, أي أن الوليد الذي هو نتاج عملية الاندماج هذه وما يتمخض عنها نصفهُ من الأب ونصفه الآخر من الأم. وإذا قسمنا حرفي العطف والنفي (ولا) الموجودان قبل كلمتي الأب والأم (وصيلة وحام) على النحو التالي: (ولا = ول + ا). فإننا نحصل من القسم الأول (ول) على النصف الأول من اسم (وليد) وهو اسمي, أي أن (ول) التي في حرف العطف والنفي (ولا) الذي يسبق كلمة (وصيلة) يمثل نصف (وليد) الذي في ماء (وصال), و (ول) التي في حرف العطف والنفي (ولا) الذي يسبق كلمة (حام) يمثل نصف (وليد) الذي في ماء (أحمد).
وحرفي الألف (ا) اللذان تبقيا لنا من حرفي العطف والنفي (ولا), يدلان على الأُلفة بين الزوج والزوجة, وكذلك فإنهما يُشَكلان لنا عند دمجهما بشكلٍ متقاطع من المنتصف إشارة الجمع (+), والوليد هو نتاجُ (جِماع) أبوه وأمه, والجماعُ الذي أحلهُ الله موضعهُ عورتي الرجل والمرأة في منتصف جسميهما.
(ولا وصيلة ولا حام = ول وصيلة + ول حام = وليد).

الخلافة والولاية
 إن الحرفين الأولين من اسمي وليد (و, ل) موجدان في (ولا), والحرف الثالث من اسمي وهو (الياء), موجود في الحرف الثالث من كلمة (وصيلة) الدالة على الأم, وأما الحرف الرابع من اسمي وهو حرف (الدال), والذي هو أيضاً الحرف الرابع من اسم أبي أحمد المنطوية دلالته في كلمة (حام), فإنهُ غائب عن كلينا في هذه الجملة القرآنية. وحروف اسمي الحاضرة في جملة {ولا وصيلة ولا حام} تشكل كلمة (ولي).
فإذا كانت آيات سورة الحجر التي فيها ذكرُ خَلْقي مجازاً مُضافاً إلى ذكر خلق ِ آدم عليه السلام تجسد معنى (الخلافة), لكون آدم وذريتهُ خُلقوا ليكونوا خلفاء الله في الأرض, فإن آية سورة المائدة هذه بما انطوى فيها من حروف اسمي تجسد معنى (الولاية). وإن كان معنى (الخلافة) أكثر شمولية, فإن معنى (الولاية) أكثر عمقاً وخصوصية, والخلفاء إذا صلحت أحوالهم صاروا أولياء لله قريبين من حضرتهِ, والولي هو اسمٌ من أسماء الله تبارك وتعالى.

النعجة دوْلي:
قال تعالى: {ولي نعجةٌ واحدة} [23, سورة ص].
بما أن قولهُ تعالى: {ولا وصيلةً ولا حام}, فيه كما ذكرت إشارة خفية على ولادتي من أبويَ, وبما أن هذا القول القرآني يعود في الأصل على الولادات الحيوانية من الأنعام, فلا يفوتني في هذا المقام الحديث عن الولادة التي أذهلت العالم وأحدثت جدلاً دينياً واجتماعياً كبيراً, وهي ولادة النعجة
( دوْلي) التي تعتبر من أضخم الإنجازات العلمية خلال عقد التسعينيات, وهي أول حيوان ثديِ يتم استنساخه بنجاح من خلية جسمية, قال تعالى: {واللهُ خلقَ كلَ دابةٍ من ماء, فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربعٍ. يخلقُ اللهُ ما يشاء. إن الله على كل شيءٍ قدير 45} سورة النور.
وإن من أوجُه التشابه بيني وبين النعجة (دوْلي) التي عاشت ستة (6) سنوات, أن كِلينا قد وُلد في سنة تبدأ بالرقم (6), حيث أن تاريخ ميلادي كما ذكرت كان في سنة (1976م), وتاريخ ميلاد دولي كان في سنة (1996م), إلا أن وجْه الشبه الأكبر بيني وبين هذا الوليد الحيواني الفريد, هو أن اسم النعجة (دولي) يتكون من نفس حروف اسمي (وليد), وعند وضع حرف الدال في آخر اسم (دولي) بدلاً من أوله فإنه يصير (وليد).
قال تعالى: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابةً من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون 82} النمل.

الشقيق الأكبر
قال تعالى: {واجعل لي وزيراً من أهلي 29 هارون أخي 30 اشدُد به أزري 31 وأشركهُ في أمري 32} سورة طه.
ويشاركني شقيقي وأخي الأكبر (وائل) في هذه الدلالة القرآنية الجليلة, حيثُ انطوت حروف اسمه الثلاثة (و, ا, ل) في حرفي العطف والنفي (ولا) اللذان يسبقان دلالة اسْمي الأب والأم (وصيلة) و(حام).
وأخي وائل هو أول أبناء أمي وأبي (وصال وأحمد), وإذا قمنا بتبديل أماكن حروف (ولا) بوضع الألف في أولها فإنها تصير (أول), وهكذا فإن جملة: {ولا وصيلة ولا حام} تصير (أول وصيلة أول حام), وأول أبناء وصال وأحمد هو وائل.
وهذه الأولية لوائل منطوية في اسمه, حيثُ أن اسم (وائل) بوضع الهمزة فوق عصا الألف وتقديمهما على حرف الواو يصبح (أول), والأول هو اسم من أسماء الله الحسنى ومعناه: [الأول بلا ابتداء, الموجود بذاته قبل وجود مخلوقاته. وعلى ذاكر هذا الاسم بالأناة والمثابرة, مع الهمة والاعتقاد وطهارة الجسد والمكان].
ومن اللطائف العددية في اسم الله (الأول), أن مجموع أعداد حروفه وهي (37) معكوسة تمثل ترتيبه بين الأسماء الحسنى وهو(73), ونستخرج مجموع أعداد حروف الاسم بحسب قاعدة حساب الجُمل المشهورة على النحو التالي: (أول = أ + و + ل = أ ( ا ) + و ( 6 ) + ل ( 30) = 37), وأما ترتيب الأسماء الحسنى فهو بحسب المشهور الوارد في رواية الإمام الترمذي.

لطيفة: الأب حام
[حام وينسب إليه الحاميون هو حام بن نوح وهو أحد أبناء نوح الأربعة. ثلاثة آمنوا بنوح وبرسالة نبوته فركبوا معه السفينة تفاديًا للطوفان الذي بعثه الله ليهلك الكافرين, أما الرابع يام أو كنعنان فقد غرق مع أمه لأنهما رفضا ركوب السفينة. والأبناء الثلاثة هم: سام, يافث, حام وهو أصل السلالة الحامية.
السلالة الحامية
من نسل حام جاءت الشعوب الأفريقية مثل البجا والأمازيغ والقبائل الأفريقية الأخرى, وتم تصنيف بعض الشخصيات على أنها حامية مثل النمرود الذي كان ملكا في عهد النبي إبراهيم (*).
وغالبا ما يدل لفظ حامي على الأشخاص ذو الدم الحار والمقصود هنا هو الذي لا يقبل الإهانة.
من أبناء حام
كوش زوجته قرنابيل ومن أبنائه: رماح, نمرود, سبا, سبته.
مصرايم ومن أبنائه: ليديا أو لوديم, ليابي, كازلوك, كنعان بن حام وزوجته إرسال] المصدر ويكيبيديا.
 ختاماً لهذه الفقرة أقول: إنه من غير الصحيح اتخاذ العرق والنسب الأبوي البعيد أو القريب سبباً مباشراً للمفاضلة بين الأمم والناس, لأن المحك الأساسي للمفاضلة هو عمل الإنسان لا جنسه ونسبه, وليس الفتى من قال كان أبي, ولكن الفتى من قال ها أنا, وقد حسم الخالق تبارك وتعالى قضية الركون للأنساب بقوله في الكتاب: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير 13} سورة الحُجرات.
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: { ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نَسَبُه }, كما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنهُ كان يقول لابنته فاطمة حاثاً إياها على العمل ومحذراً لها من الركون إلى كونها بنت الرسول: {يا فاطمة عليك بنفسك فإني لا أغني عنك من الله شيئاً}.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

* نُشر لأول مرة في مدونة (ولي الدين والمسبار السحري) في تاريخ 3-7-2010
فكرة وإعداد: وليد أحمد الكراعين.

المراجع والهوامش:
- كتاب مختصر تفسير ابن كثير.
- موقع ويكيبديا (حام بن نوح, النعجة دولي).
(*) قال ابن كثير في التفسير: هذا الذي حاج إبراهيم في ربه هو مَلِك بابل (نمرود بن كنعان), قال مُجاهد: مَلَك الدنيا مشارقها ومغاربها أربعة: مؤمنان وكافران, فالمؤمنان (سليمان بن داود) و (ذو القرنين) والكافران (نمرود) و (بختنصر).