الجمعة، 22 مارس 2013

العلامات الخفية في أمل وماريا


بسم الله الرحمَن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أكرم المرسلين, محمد وآله وأصحابهِ وأحبابهِ إلى يوم الدين, أما بعد.

قال تعالى : {إنَ الساعةَ آتيةٌ أكادُ أُخفيها لتُجزى كلُ نفسٍ بما تسعى 15 فلا يصُدنك عنها من لا يؤمنُ بها واتبع هواهُ فترْدى 16} سورة طه.
منذ خروجه من الجنة وهبوطه إلى الأرض, غرس الله في نفس آدم وزوجه حواء (عليهما السلام) بذور البعث والحساب, والذي سوف يكون في يوم تجتمع فيه كل الخلائق والعباد, وما من صاحب عقل إلا ويُحَدث نفسه بهذا اليوم والميعاد ويتساءل بشغف متى يكون؟ قال تعالى: {يسألونك عن الساعة أيان مُرساها 42 فيمَ أنت من ذكراها 43 إلى ربك منتهاها 44} النازعات.

وقد أخفى الله ميقات هذا اليوم عن عباده ولم يذكُر فترة زمنية محددة تبين الوقت الذي تقوم فيه القيامة, ولكنهُ سبحانه أخبر أنبياءه وأولياءه عن علامات وأحداث واشترط تحققها و وقوعها قبل قيام الساعة, وذلك ليهدي الناس بهذه العلامات والأحداث إلى اقتراب موعد القيامة, وقد صنفَ العلماء هذه العلامات بحسب قربها من موعد قيام الساعة إلى علامات صغرى و وسطى وكُبرى, وبحسب الأبحاث والتحقيقات التي يقوم بها أهل العلم والاختصاص في هذه المسألة, وبحسب الأحاديث المأثورة والمتواترة عن آخر الأنبياء محمد (صلى الله عليه وسلم), فحن نعيش في هذه السنين والأيام في ظل أحداث وعلامات آخر الزمان, والذي بعد انقضاءه وتحقق جميع علاماته يحل موعد القيامة. وعلى وجه التحديد فنحن اليوم نعيش في الزفير الأخير من العلامات الوسطى, ويفصلنا وقتٌ قصير عن أولى العلامات الكُبرى وهي ظهور المهدي المُنتظر.

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): {في هذه الأمة خسفٌ ومسخٌ وقذف, فقال رجل يا رسول الله ومتى ذلك ؟ قال : إذا ظهرت القيان والمعازف وشُربت الخمر}. القيان: الإماء المغنيات وغير المغنيات.
 وإن من أكثر ما يُميز هذه المرحلة الوسطى التمهيدية القصيرة من علامات القيامة, هو انتشار الفُحش والفجور وظهور الظلم والجُور بأشكالٍ عديدة وجديدة غير مألوفة ومسبوقة, ومن ضمن ذلك هو كثرة الملاهي والمعازف ونوادي المُنكر, وكثرة انتشار المغنيات والراقصات وصاحبات الرايات الحُمر, حيث صرنا نشهد طوابير الراقصات والمُغنيات يخرجن إلينا في كل يوم من تحت طيات الغفلة والظُلمات, بأشكال وألوان مختلفة, تجمعهُن راية الشيطان وفتنتهُ , ويدخُلن علينا من أبواب متعددة أيسرها مولجاً هو باب الديجيتال (1) الذي يبثون من خلال شاشاته سموم فتنة وثقافة الأعور الدجال , حتى أصبح من المُحال أن يخلو المشهد العام في معظم وسائل الإعلام من أحاديثهنَ اللاهية الكاذبة وتصاويرهِنَ الشيطانية الماجنة, والتي تحظى باهتمام شريحة واسعة من المُراهقين والفاسدين من أبناء أمة المسلمين , وذلك نتيجة ضعفِ سلطان الدين في نفوس العِباد , وهيمنةِ قوى الطُغيان على أقدار الشعوب والبلاد, حتى أُعجِمَ لسان العُربان , وخَبا نور القرآن , وعميت قلوب الكثير من الشُبان الذين وجدوا في ثقافات وحياة المُجتمعات التي لا تدين بالإسلام حُضناً دافئاً لسد فجوة الحرمان وإشباع غرائز الإنسان, دون مانعٍ من أدب أو شريعةٍ كأنهُ حيوان, وصار أهل المشرق يستحيون من الحياء ويخجلون من الخجل, تبعاً للثقافات والحضارات المدنية التي تسوس هذا العالم وتسود عليه.

وبما أن ظهور المغنيات وكثرتهن هو من العلامات المُميزة لآخر الزمان, وبسبب الشهرة التي تتمتع بها أولاء المغنيات عند الجماهير العربية, ومتابعتهم لتفاصيل حياتهن الغنائية والاجتماعية عبر الوسائل الإعلامية, فقد رأيت أن أتطرق في هذا المقال للحديث عن بعض علامات الساعة الكبرى بأسلوبٍ جديد وفريد, يقوم على استخراج هذه العلامات واستشفافها من خلال أسماء وسلوكيات بعض المغنيات والممثلات, وكما يقول المثل: (خذوا الحكمة من أسماء المغنيين).

وكنتُ قد ذكرتُ في أبحاثي السابقة أن للأسماء معانٍ وتصريفات تحمل في طياتها حقائق ومعلومات, تدل أحياناً على أحوال حاملها وسلوكه في هذه الحياة , أو قد تدل على أحوال الكون بما فيه من ثوابت ومتغيرات على مر الزمان.
وفي هذا المقال سوف يقتصر تحليلي للأسماء ويتركز على ما هو مرتبط بالعلامات الدالة على قيام الساعة, وستكون فقرة البداية مع بارقة الأمل المتبقية لهذه الأمة والعالم أجمع للخروج من مُستنقع الضلالة والفساد.

قال تعالى :{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ 30 وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 31 قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ 32 قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ 33} سورة البقرة .  

بِشارة أمل حجازي ؟!
لقد جاء اسم المغنية اللبنانية (أمل حجازي) منسجماً ومتناغماً مع تطلعات الكثيرين من أبناء أمة المسلمين في هذا التوقيت الخطير, والذين تتوجه أنظارهم وتهوي أفئدتهم في موسم الحج من كل عام إلى بيت الله الحرام أملاً بسماع البشرى الكبرى بظهور الإمام المهدي صاحب العصر والزمان, والذي بات أمر بعثه وخروجه قريباً أكثر من أي وقتٍ مضى وكان, وفيما يلي البيان:

بحسب مُعجم مُختار الصِحاح للغة العربية:
أمل : بمعنى رجاء , يُقال أمَلَ خيراً. عن الحكم بن عتبة قال: قلتُ لمحمد بن علي (عليهما السلام): سمعنا انه سيخرج منكم رجل يعدل في هذه الأمة. قال: {إنا نرجو ما يرجو الناس، وإنا نرجو لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد سيطول ذلك اليوم حتى يكون ما ترجو هذه الأمة، وقبل ذلك فتنة شر فتنة، يمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، ويصبح مؤمناً ويمسي كافراً، فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله تعالى، ولكن من أحلاس بيته} (2).
حِلس: إذا لازم بيته فلم يخرج منه إلا لحاجة.
حجازي : يُقال حجازي أي من أهل الحِجاز, والحجاز هي سلسلة من الجبال تبدأ جنوباً من اليمن وتمتد إلى شمال الشام , وأهم مدنها مكة المكرمة مقصِد الحُجاج, والمدينة المنورة مرقد نبينا محمد (صلى الله علية وآله وسلم), وسُميت بالحِجاز لأنها تحجز بين تُهامة ونجد.

عن السفر بن رستم عن أبيه, قال: {المهدي رجل أزج أبلج أعين, يجيء من الحجاز, حتى يستوي على منبر دمشق} (3).

وإذا جمعنا بين أول حرفين من اسميْ (أمل) و (حجازي), فإننا نحصل على دلالة المكان الذي يشهد مراسم بعث الإمام المهدي (عليه السلام), بالإضافة إلى المناسبة والزمان الذي تُطلق فيه شارة البدء لهذه البعثة والمهمة الشريفة.

أمل: أول حرفين منه يشكلان كلمة (أم), و (أم) هو المقطع الأول من اسم (أم القرى) وهو من الأسماء التي تشتهر بها مكة المكرمة والمذكور في قوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا. والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به, وهم علي صلاتهم يحافظون‏ 92} سورة الأنعام.
حجازي: أول حرفين منه يشكلان كلمة (حج), والحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام, وأداء مناسكه يكون في مكة البيت الحرام وما حولها من المشاعر والبقاع المقدسة.
وكما جاء في الأثر فإنه في أم القرى مكة البيت الحرام وتحديداً في موسم الحج يكون بعث ومبايعة الإمام المهدي (عليه السلام), قال تعالى: {فلما أتاها نُودي يا موسى 11 إني أنا ربك فاخلع نعليك, إنك بالواد المُقدس طُوى 12 وأنا اخترتُكَ فاستمع لما يُوحى 13} طه.

عن عمرو بن شعيب , عن أبيه , عن جده , قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : {في ذي القعدة تحَارُب القبائل, وعلامتهُ يُنهب الحاج, وتكون ملحمة بمِنى (4) يكثُرُ فيها القتلى, وتسيلُ فيها الدماء حتى تسيلُ دماؤهم على الجمرة (4), وحتى يهرب صاحبهم (المهدي) , فيُؤتى بين الرُكن والمقام , فيُبَايع وهو كاره , يُقال لهُ : إن أبيتَ ضربنا عُنقك , يُبايعهُ مثلُ عدة ِ أهل بدر , ويرضى عنهُ ساكن السماء وساكن الأرض} (5).

أمل عرفة
على غرار ما استخرجناهُ من اسم المغنية (أمل حجازي), فإنهُ بإمكاننا استنباط دلالةً مشابهة وأكثر خصوصية من اسم الممثلة والمغنية السورية المعروفة (أمل عرفة).
أمل: بمعنى رجاء كما ذكرنا في الفقرة السابقة.
عن أبي معبد , عن ابن عباس , رضي الله عنهما , قال : {إني لأرجو أن لا تذهب الأيامُ والليالي , حتى يبعثَ اللهُ منا أهل البيت غُلاماً شاباً حدثاً , لم تلبسهُ الفتن , ولم يلبسها , يُقيمُ أمرَ هذه الأمة , كما فتحَ اللهُ هذا الأمرُ بنا , فأرجو أن يختمهُ اللهُ بنا . قال أبو معبد: فقلتُ لابن عباس, أعجزت عنه شيوخكم حتى ترجوهُ شبابكم ؟ قال : إن اللهَ عز وجل يفعلُ ما يشاء} (6).

عرفة: إذا كان اسم (حجازي) يحمل دلالة مكانية لمنطقة الحجاز ولفظية في أول حرفين منه لفريضة (الحج), فإن اسم (عرفة) فيه دلالة مباشرة على اسم المشعر الذي يؤدي الحُجاج عنده أهم أركان الحج وذلك في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة, حيثُ أن (عرفة) هو اسم جبلٍ عظيم من جبال مكة لا بد للحاجين من الصعود عليه والدعاء وطلب المغفرة عنده, وكما قال عليه الصلاة والسلام : {الحجُ عرفة}.

وقد جاء في الأثر عن عمرو بن شعيب , عن أبيه, عن عبد الله بن عمرو , قال : {يحُج الناسُ معاً ويُعرفونَ - يقفون بعرفة- معاً , على غير إمام , فبينما هم نزُولٌ بمنى إذ أخذهم مثلُ الكَلَب (7), فثارت القبائل بعضُها على بعض , فاقتتلوا حتى تسيل العقبةُ دماً , فيفزعون إلى خيرهم , فيأتونهُ وهو مُلصقٌ وجههُ إلى الكعبةِ يبكي, كأني أنظر إلى دُموعه , فيقولون : هلُمَ نُبايعك. فيقول ويحكم كم عهدٍ قد نقضتُمُوه , وكم دم قد سفكتُمُوه ! فيُبايع كُرهاً, فإذا أدركتُمُوه فبايعُوه, فإنهُ المهدي في الأرض, والمهدي في السماء}. أخرجهُ الحافظ في مُستدركه.

وطالما أننا نتحدث عن مناسك الحج وعلامات ظهور الإمام المهدي مُستشفين هذه الأحداث من أسماء بعض النساء, فلا بد من ذكر البركة العميمة التي تكون في زمان وخلافة المهدي (عليه السلام), والتي من ضمنها الأمن والأمان في حج النسوان, وهذا شيءٌ حاصل وملموس حتى في هذه اللحظة والأوان, حيث أن التطور في وسائل المواصلات والاتصالات وقطاع الخدمات ساهم في اختزال الساعات والمسافات, وجعل عملية السفر والتنقل والدخول والخروج من بلدٍ لآخر تتم عبر قنوات محددة وآمنة, وبدورهن فقد استفادت النساء من ازدياد عامل السرعة والأمان, حتى بات في الإمكان توديع الضعفاء مثل النساء والشيوخ والصبيان في مطارات المغادرة واستقبالهم في مطارات القدوم.
عن كعب الأحبار، قال: قال قتادة: {المهدي خير الناس، أهل نصرته وبيعته من أهل كوفان واليمن وأبدال الشام، مقدمته جبريل، وساقته ميكائيل، محبوب في الخلائق يطفئ الله تعالى به الفتنة العمياء، وتأمن الأرض حتى إن المرأة لتحج في خمس نسوة ما معهن رجل، لا يتقي شيئاً إلا الله عز وجل، تعطي الأرض بركاتها والسماء بركاتها} (8).

 وإن المهدي المُنتظر الذي استخرجنا علامات خروجه وبعثه من اسميْ (أمل حجازي) و (أمل عرفة) هو أول علامة من علامات الساعة الكُبرى, وهو العلامة الخفية الأولى التي بيناها في بحثنا هذا, وأما آخر العلامات الكبرى, والعلامة الخفية الثانية في هذا البحث فهي ......

ماريا تدُق ناقوس الخطر
لا ينفكُ نجوم الغناء وبخاصةٍ النساء عن محاولة لفت الأنظار وإثارة فضول الجماهير وحفيظتهم, وذلك من خلال الإتيان بتصرفات وحركات خارجة عن المألوف, كالمبالغة بالتبرج والتعري, أو التصريح بأقوال وطرح أفكار ينكرها كثير من الناس, أو القيام بأفعال تعكس روح اللامبالاة والعبثية وعدم المسؤولية, وما إلى ذلك من أعمال إن لم يكن القصد منها هو الإساءة إلى جهةٍ ما, فإن الغاية منها هو إرضاء الذات وإثباتها وإشباع الاحتياجات والرغبات النفسية والعاطفية, وتفريغ الشُحنات والعُقد الدفينة المخفية.

(تمشي حافية القدمين). ولقد غنت على هذا الموال المغنية اللبنانية (ماريا), ومارست هوايتها كغيرها من المغنيات في تفجير المفاجآت, فلم يسعها الغناء والرقص على الأرض ولم يُشبعها أن تأكل بشفتيها , فصعدت للرقص والغناء فوق كعكة عيد الميلاد وأكلت بقدميها ما لذ وطاب, ونادت: (يا حبشي انفخ البلالين علشان عيد الميلاد), وهدمت كعكة ميلادها برجليها (يختي عليها يختي عليها .. جاتوه رجليها ما جاتوه رجليها), وبدلاً من لعبة تراشُق قوالب الكيك وتلطيخ الوجوه والرؤوس فيها, استعملت ماريا قدميها وساقيها كالفؤوس وهدمت الكعكة برجليها, (ومطرح ما اتحطِ راسك حطِ رجليك). 

والسُؤال المطروح هو لماذا صارت ماريا على النعمةِ تدوس؟ أهو البطر وكثرة الفلوس, أم أنها مجرد حيلة للفت الأنظار وإثارة النفوس. أو لعلها أرادت أن تشرح حالة المدعوين وتقول بالمصرية : (دُول يتمنوا الكيك اللي تحت رِجليا) , ربما هذا يجوز إلا أنَ الخطبَ أجلَ من ذلك بكثير عند صاحب البديهة والتفكير , وقد قيل في مثل هذا السِياق : (إن الحربَ قامت على ساق) !!!
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : {بادروا بالأعمال سبعا هل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مُطغياً أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمَر} رواه الترمذي وقال حديثٌ حسن.

قال تعالى :{يوم يُكشَفُ عن سَاقِ ويدعون إلى السجودِ فلا يستطيعون 42} سورة القلم.
يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة وَمَا يَكُون فِيهِ مِنْ الْأَهْوَال وَالزَّلَازِل وَالْبَلَاء وَالِامْتِحَان وَالْأُمُور الْعِظَام.عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : يَكْشِف رَبّنَا عَنْ سَاقه فَيَسْجُد لَهُ كُلّ مُؤْمِن وَمُؤْمِنَة وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُد فِي الدُّنْيَا رِيَاء وَسُمْعَة فَيَذْهَب لِيَسْجُد فَيَعُود ظَهْره طَبَقًا وَاحِدًا وَهَذَا الْحَدِيث مُخَرَّج فِي الصَّحِيحَيْنِ. وعَنْ اِبْن عَبَّاس يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق قَالَ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة يَوْم كَرْب وَشِدَّة رَوَاهُ اِبْن جَرِير , وعَنْ اِبْن مَسْعُود أَوْ اِبْن عَبَّاس - الشَّكّ مِنْ اِبْن جَرِير يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق قَالَ عَنْ أَمْر عَظِيم كَقَوْلِ الشَّاعِر : شَالَتْ الْحَرْب عَنْ سَاق . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس هِيَ أَشَدّ سَاعَة تَكُون فِي يَوْم الْقِيَامَة. وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس أنهُ قال: حِين يُكْشَف الْأَمْر وَتَبْدُو الْأَعْمَال وَكَشْفه دُخُول الْآخِرَة وَكَشْف الْأَمْر عَنْهُ] تفسير ابن كثير.

عن عبد الله بن عمرو، رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): {يخرج الدجال في أمتي، فيمكث أربعين}.
لا أدري أربعين يوماً أو أربعين شهراً أو أربعين عاماً {فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود، فيطلبه فيهلكه، ثم يمكث الناس سبع سنين، ليس بين اثنين عداوة.
ثم يرسل الله ريحاً باردة، من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كَبِد جبل – وسطه- لدخلت عليه حتى تقبضه}.
قال: سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
قال: {فيبقى شرار الناس، في خفة الطير، وأحلام السباع، لا يعرفون معروفاً، ولا ينكرون منكراً، فيتمثل لهم الشيطان، فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دارة أرزاقهم, حَسَنٌ عيشهم.
ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً، ورفع ليتاً. – الليت: صفحة العُنق يُميلها-.
قال: (فأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله – يُطينه ويُصلحه-).
قال: (فيصعق، ويصعق الناس، ثم يرسل الله تعالى) أو قال: (يُنزل الله مطراً كأنه الطَل, فتَنبُتُ منه أجساد الناس, ثم يُنفخ فيه أخرى، فإذا هم قيام ينظرون).
ثم يقال: يا أيها الناس، هلم إلى ربكم (وقفوهم إنهم مسئولون).
ثم يقال: أخرجوا بعث النار، فيقال: من كم؟ فيقال: من كل تسعمائة وتسعة وتسعين.
قال: فذلك يوم (يجعل الولدان شيباً) وذلك (يوم يكشف عن ساق)}
أخرجه الإمام مسلم، في صحيحه

إن للقيامة ساقان تنكشفان عن الأمور العِظام: واحدة في الدُنيا قبل قيام الساعة, والثانية في الآخرة بعد قيامها , فأما التي في الآخرة فقد تم بياناها في تفسير الآية أعلاه والحديث الذي بعدها, وأما الساقُ التي تنكشف في الحياة الدنيا فهي علامة من علامات قيام الساعة الكُبرى , تصديقاً لقولهِ تعالى في سورة القيامة : {والتفت الساقُ بالساقِ 29}. أي انكشفت ساق الدنيا فقامت عندها القيامة, فانكشفت ساق الآخرة فتلاقت مع ساق الدنيا ودخل بعضها في ساعة الأخرى.
فما هي هذه الساق التي تنكشف في الدنيا قبل الآخرة؟
عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه , أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : {يُخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة} أخرجهُ الإمام مسلم في صحيحه . وجاء عنهُ في لفظٍ آخر  (يُخرب بيت الله الحرام) وفي رواية أخرى ( يستخرج كنوز الكعبة).
ذو السويقتين : رجل صغير الساقين رقيقهمُا. وعلى ساقيه اللتان يطأ بهِما الكعبة والبيت الحرام توشك أن تقوم الساعة. 

وجه الشبه بين ماريا وذو السويقتين
لقد أسْدت لنا ماريا نحن أمة الإسلام والتوحيد معروفاً دون أن تعرف , لأنها نبهتنا إلى حدثٍ جلل يكون في الرمق الأخير من آخر الزمان عند تمام فساد حال بني الإنسان , وهو خراب الكعبة البيت الحرام وهدمها لاستخراج كنزها (حفظها الله وأعاذنا من تلك الساعة المشئومة).
قال تعالى : {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ, فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا. قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ. قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 44} سورة النمل. 

* إذا نظرنا إلى الصورة أعلاه نُلاحظ أن ماريا قد ولجت بساقيها في مربع صغير وسط قالب الكيك الكبير, خصصهُ لها صانع الكعك حسب الطلب للرقص والطرب. وكما هو معلوم فإن الكعبة المُشرفة هي بناءً مُربع يقع في وسط ساحة المسجد الحرام, أي أن هذا الجزء من قالب الكيك الذي داست عليه ماريا وخربتهُ بساقيها يشبه موضع الكعبة من المسجد الحرام.
* ومن الناحية اللفظية فإننا نجد أن هناك تشابه كبير في القافية والوزن بين كلمتي (الكعكة) و (الكعبة), والفرق بينهما هو في الحرف قبل الأخير.

* ربما تكون نقاط التقاطع السابقة بين ماريا وذو السويقتين قد تمت بدسيسة شيطانية دون تخطيط ودراية من ماريا, إلا أنهُ ثمة دلالة خفية في اسم ماريا توصلنا بطريقة ٍ غير مباشر إلى اِسم (ذي السويقتين) , ولكشفِ هذه الدلالة نقوم بتفصيل اسم (ماريا) على هذا النحو : (ماريا = ما + ريا).
 ما: بإضافة الهمزة إلى آخرها تصبح (ماء).
 ريا: بحذف الألف من آخرها تصبح (ري) من (روى) وتستخدم في الزرع,  بمعنى (سِقاية) من (سقى).
وبالتالي فإن المعنى الإجمالي لاِسم (ماريا) هو (سِقاية الماء).
وإن أول ثلاثة حروف من كلمة (سِقاية) بتقديم الألف على القاف تشكل كلمة (ساق), ومن الساقُ جاءت كُنية الحبشي (ذو السويقتين).

* ومن ناحية الأفعال فإننا نجد ثمة تشابهُ وانسجام بين المغنية اللبنانية (ماريا) هادمة الكعكة والفاجر الحبشي (ذو السويقتين) هادم الكعبة, وذلك من حيث مساهمتهم في هدم الدين بالشكل والمضامين, إذ أن ظهور ماريا ومثيلاتها من فنانات الديجيتال (الدجال) بصرف النظر عن أسباب نشوء هذه الظاهرة, قد قدم للأجيال الناشئة صورة ومثال عن الفساد والانحلال, وكأني أنظر إليهن يحملنَ بأيديهِن مَعاول وفؤوس لهدم الأخلاق التي في النفوس وإفساد العقول التي في الرؤوس , وهكذا لا تزالُ جيوش الكُساة العُراة من المُغنيات والراقصات تُمارس بمباركة المُفسدين من الجِنة والناس أجمعين غزوها الثقافي والنفسي على أمة المسلمين , إلى أن تصير الطريق معبدةً سالكة أمام أعداء الدين وعساكر الحاقدين من أمثال هذا الحبشي اللعين , لتخريب قريتنا وإهدار كرامتنا وكسر شوكتنا , على غرار ما يحدث اليوم في بيت المقدس وجنوب لبنان والعراق وأفغانستان.
 وها هي يهود تحفر كل يوم في بناء المسجد الأقصى لاستخراج الهيكل الموعود, وتُعِد الجنود للقضاء على أصحاب الأرض والدين الثابتين على حقهم في جنوب لبنان الأمينَ وفلسطين.

وعلى نفس المنوال عزف الأمريكان فخربوا العراق وأفغانستان , وداسوا كل من يقف في طريقهم من الرجال والنساء والصبيان, والعجب كل العجب أن هذا الخراب والضياع لم يُحرك ساكناً في قلوب أبناء المسلمين في جميع البلدان , تصديقاً لقول النبي العدنان (عليه وآله الصلاة والسلام): {يُبايع رجلٌ بين الركنِ والمقام , ولن يستحلَ البيتَ إلا أهله , فإذا استحلوهُ فلا تسأل عن هَلَكة العرب – هلاكهم-, ثم تجيء الحبشة فتُخربهُ خراباً لا يُعمرُ بعدهُ أبداً , وهمُ الذين يستخرجون كنزه} (9).
ومعنى هذا الكلام أن العرب وأهل هذه الأرض هم أساسُ هذه الفتن والمصائب التي تضرب الإسلام والمسلمين , وذلك بعد أن فسقوا عن أمر الله ورسوله وتركوا الصلاة والدين , وما كانت كل تلك المحطات (المُنحطات) الفضائية لتطل عبر الشاشات على الجماهير العربية , لولا أنها صادفت استعداداً وطلباً وقبولاً عند شريحة واسعة منهم, من الذين استحكم حب الشهوات في نفوسهم الضعيفة المُعتمة, ومُعظم هذه القنوات والنشاطات إنما أُنشأت وقامت برؤوس أموال عربية, وتبثُ فنونها (جنونها ومجونها) من أراضي عربية.
قال تعالى: {فخلفَ من بعدهم خلْفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهواتِ , فسوف يلقون غياً 59} مريم. قال كعب الأحبار في تفسير هذه الآية : [والله إني لأجد صفة المنافقين في كتاب الله عز وجل: شَرَابين للقهوات, تَراكين للصلوات, لَعَابين بالكعبات, رقَادين عن العتمات, مفرطين في الغدوات, تراكين للجماعات] تفسير ابن كثير.

إن تخريب ماريا للكعكة بقدميها ليس سوى إشارة خفية ولطيفة خفيفة يسترقها ويلمحها أصحاب السمع والبصر, وتدل على علامةً كُبرى من علامات قيام الساعة , وتظهر هذه العلامة بعد أن ينفرط عقد هذه الأمة المُباركة أو يكاد , وهي خراب الكعبة البيت الحرام على يد ذو السويقتين الحبشي وقومهُ اللئام , ويكون وقت حدوثها بعد ظهور المهدي وخروج الدجال ونزول المسيح عليه السلام, وانسياب قوم يأجوج ومأجوج وظهور الدخان, ثم الريح الطيبة التي تقبض أرواح أهل الإيمان, وخروج دابة الأرض وطلوع الشمس من مغربها.
[وتخرج الدابة فتَسِمُ كل بادٍ وحاضر, وتُمَيزُ بين كل مؤمنٍ وكافر, وينقطع سُبُلُ الحاج وتخرب يثرب ويُغلق باب التوبة, وتطلُع الشمس من المغرب, ويرتفع القرآن الكريم من المصاحف والصُدور, ويمتد البلاءُ وتشتد الأمور, وتُعبد الأصنام والأوثان, وتقل الرجال ويكثُر النسوان, ولا يشتغل أحدٌ بسُنةٍ ولا فرض, ولا تُمطر السماء ولا تُنبت الأرض, وينقطع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر,  ويشتدُ البأس ولا يبقى على الأرض من لله فيه حاجة, وتُكلم السباع الناس, ويندرس الإسلام وتنتقضُ عُراه, ولا يبقى من يعرفُ صياماً ولا نُسكاً ولا صلاة, وتَحلُ مِحَنٌ أفواجها كالقُلل تُشِيب الوليد, وتُظِلُ فِتَنٌ أمواجُها كالظُلل تُذيب الحديد, حتى لا تُرى إلا نكبةً بعد نكبة, وتهدِمُ الحبشة الكعبة, وتلك خاتمةُ الأمور, وقاصمة الظُهور, ولا مطمع بعدها في الحياة لراغب,  ولا عاصم من أمر الله تعالى لهارب.
فيا لها من رزايا عَمَت مشارق الدنيا ومغاربها, وجَبَت كواهل العلياء وغواربها, وغادرت القلوب مرضوضة مُلتهبة, والدموع مفضوضة مُنسكبة] (10).

اللهم لم نزغ وإنا لا نريد إلا الخير 
[بسبب حريقٍ داخل الكعبة وسيولٍ جارفة ضربت جدرانها نظرت قريش في هدم الكعبة وإعادة بناءها من جديد بشكلٍ أكمل وأقوى, ثم إن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه, فقام أحد سادة مكة وهو الوليد بن المغيرة وقال: (أنا أبدؤكم في هدمها), فأخذ المعول, ثم قام عليها, وهو يقول: (اللهم لم نزغ اللهم إنا لا نريد إلا الخير), ثم هدم من ناحية الركنين, فتربص الناس تلك الليلة,وقالوا: ننظر, فإن أصيب لم نهدم منها شيئاً ورددناها كما كانت, وإن لم يصبه شيء, فقد رضي الله صنعنا, فأصبح الوليد من ليلته غادياً على عمله, فهدم وهدم الناس معه] (11).

إن الوليد بن المغيرة حينما قال: (اللهم لم نزغ اللهم إنا لا نريد إلا الخير) وهو عازماً على هدم الكعبة, كان صادقاً في نيته ونبيلاً في غايته, ولكن نفس هذه المقولة أو قريباً منها صارت سيمفونية نسمعها تتردد على ألسنة الخاطئين في هذا الزمان, من الذين إذا سُئلوا عن قبيح أعمالهم قالوا: (نحن لا نعمل إلا كل خير..وربنا اعلم بما في قلوبنا) واللهم يعلم إنهم لكاذبون, قال تعالى: {والذين اتخذوا مسجداً ضِراراً وكُفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسولهُ من قبل. وليَحلِفُنَ إن أردنا إلا الحُسنى, والله يشهد إنهم لكاذبون 107} سورة التوبة.
ومثل هذه المقولات الكاذبة والمُخادعة اعتدنا أن نسمع طائفةً منها على ألسنة فريقاً من العاملين في الأوساط الفنية المختلفة, والذين حين يسألهم أحد الناس أو الإعلاميين عن بعض الأعمال السخيفة والمشاهد القبيحة التي يصورنها ويعرضونها, فإنهم يجيبون: (هذه حرية وآداب وفُنون), وما هي في الحقيقة إلا (عُبودية ومُجون وجُنون), وكفى بهؤلاء القوم من خذلان أن يصدُق رجلاً مُشرك مثل الوليد بن المغيرة في الكلام ويكون كلامهم وزعمهم زوراً وبهتان, وصدق قوله تعالى فيهم: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون 11 ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون 12} البقرة.   

 بُناة الكعبة 
في إطار حديثنا عن جهود قريش في إعادة تشييد بنيان الكعبة البيت الحرام, فلا بد لنا من العروج على ذكر أصحاب السبق في وضع أُسس هذا الصرح الخالد في السماء والأرض, وسَنَ شرائع حُرمتهِ ونُسكهِ لتكون منهاج أهل الإسلام على مر الزمان.
ورغم أنه ليس أول باني لبيت الله الحرام, إلا أن خليل الله إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) قد اقترن ذكرهُ وأهلهُ في السيرة والقرآن بإحياء مكة وإخراج بركتها, ورفع قواعد بيتها, وتشييد بنيانه, وتوحيد الله وعبادته فيه, ودعوة الناس إلى حجه, قال تعالى في المُبين في الكتاب على لسان الخليل إبراهيم: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} سورة إبراهيم, {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا, إنك أنت السميع العليم 127} سورة البقرة. وقال تعالى: {وأذِن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كلِ ضامر يأتين من كلِ فجٍ عميق 27} سورة الحج.

لطيفة: (أنا دوبت يا دووب.. دوبني تاني .. أنا في المحبة يا رتني ادوب)
وإن من دواعي غبطتي وسروري أن اسمي (وليد) قد ذاب وتخلل في لقب هذا الأب والباني العظيم إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) ومكانته من الله الرحمَن, {.واتخذ الله إبراهيم خليلاً} [النساء, 125].
حيثُ أن معنى كلمة (الخِلَ) هو (الود), وكلا الكلمتين يتكون من حرفين ومعناهما لا يختلف عليه اثنين وهو (المحبة والصداقة) (12).
وإذا كان حرفي كلمة (ود) هما أول وآخر حرف من اسمي (وليد), وكان حرفي كلمة (خل) هما أول وآخر حرف من اسم (خليل), فإن (الوليد) باستبدال حرفيْ كلمة (ود) بحرفيْ نظيرتها كلمة (خل) يصبح (الخليل), والعكس صحيح. 

مفارقة بين الأقدام الثابتة والأقدام الزائلة
 قال أبو طالب في قصيدته اللامية المشهورة:
وموطئ إبراهيم في الصخر رطبةً   على قدميهِ حافياً غير ناعلِ

هذا هو الحَجر الذي قام عليه إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) عند بناء الكعبة وكان يرتفع به كلما ارتفع البناء , ويُسمى (مقام إبراهيم) وموضعهُ في المسجد الحرام إلى جوار الكعبة المُشرفة , وهو الذي أراد الله أن تغوص فيه قَدما إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) تخليدا لذكراه وما يحوطها من إيمانٍ كامل وتعلُق بالله شامل. وهكذا هي الآثار الخالدة الطيبة التي تُجسد روح العمل والبناء الذي يباركهُ الرب سبحانهُ وتعالى وتُشارك فيه ملائكته , لا تلك الأعمال والآثار التخريبية الفاسدة التي تُغضب الربَ جلَ في عُلاه وتلعنُها الملائكة والناس أجمعين ولا يرضى عنها سوى العُصاة والشياطين.
فطوبى لمن اتبع ملة (إبراهيم وإسماعيل) وكان من المُسلمين الساعين في عمارة البيت العظيم, والويل كل الويل لمن اتبعَ خطوات (أبرهة الأشرم و ذو السويْقتين) وكان من المفسدين الساعين في هدم البيت الكريم.

وفي الختام, استميح العذر من الذين تعرضتُ إلى تحليل أسماءهم في هذا المقال بغير استئذان, ولكن كما أنهم قدموا للجماهير أعمالهم التي تُعبر عن مهاراتهم وثقافتهم دون إذنٍ منهم, فإنني وباعتباري واحد من الجماهير أرد عليهم بهذا المقال الذي يعكس مهاراتي وثقافتي.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على نبي المسلمين محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان ٍ إلى يوم الدين.

 * نُشر لأول مرة في مدونة المسبار السحري بتاريخ 14-2-2008,
    فكرة وإعداد:م. وليد الكراعين.

 مراجع:
أحاديث المهدي والساعة: كتاب عقد الدرر في أخبار المنتظر.
تفسير الآيات القرآنية: كتاب مختصر تفسير ابن كثير.
حفلة ماريا: الإنترنت.

هوامش:
(1) التقنيات الرقمية الحديثة وأجهزتها مثل الستالايت والإنترنت والموبايل.
(2) أخرجه الإمام أبو عمرو المقري، في (سننه).
(3) أخرجهُ أبو عبد الله نعيم بن حماد.
(4) مِنى: هي منطقة صحراوية تبعد عن شرق مكة حوالي 5 كيلومترات، تقع في الطريق بين مكة وجبل عرفة. تُعرف المنطقة لدورها الهام بالنسبة لمؤدي مناسك الحج، حيث يمكث فيها العديد من الحجاج سنوياً مؤقتاً في أيام التشريق الثلاثة، كما أنها موقع رمي الجمرات الذي يُؤدى بين شروق وغروب الشمس في آخر أيام الحج.
الجمرة: الجمار هي ثلاثة مواضع جميعها في مِنى: الصغرى التي تلى مسجد الخيف، والوسطى ،والكبرى وهي جمرة العقبة, وسميت بالجمار لأن أبو المسلمين والناسك العظيم إبراهيم (عليه وآله الصلاة والسلام أجمعين) رجم إبليس (عليه لعنة الله) بالحجارة عندها, فكانت الحجارة تتحول إلى جمرات من نار يحترق بها الشيطان, ورمي الجمار هو واجب عند المسلمين أثناء أداءهم فريضة الحج أيام الرمي.
(5) سُنن الداني لوحة 92, وأخرجه الحافظ في (مُستدركه).
(6) أخرجهُ الإمام أبو عمر الداني , في (سُننه).
(7) الكَلَب : داء يَعرض للإنسان من عض الكلْب الكِلب , فيصيبهُ شبه الجنون فلا يعض أحداً إلا كلِب , وتعرض له أعراض رديئة , ويمتنع من شرب الماء حتى يموت عطشاً. النهاية لابن الأثير.
(8) أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب (الفتن).
(9) رواه أبي هريرة, وأخرجهُ الحاكم في مُستدركه , وقال حديث صحيح الإسناد على شرط البُخاري ومُسلم , ولم يُخرجاه.
(10) المُقدمة في ذكر الأيام المهدية وذهابها, من كتاب عقد الدُرر في أخبار المُنتظر.
(11) سيرة ابن هشام.
(12) راجع قاموس مختار الصحاح للغة العربية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق