الخميس، 14 فبراير 2013

إمام الأمة على هامش أهل الهمة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على خير المرسلين محمد وآله وصحبه ومن تبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين.
 أما بعد ؛ يقول نبينا الأمين عليه أفضل الصلوات والتسليم: {من لم يشكر الناس لم يشكر الله}, وقيل : إن أنت أكرمت الكريم مَلَكتهُ ..
 في ما يلي مقالة صحفية نُشرت في الصحف الأردنية في تاريخ (10/3/2009), وكتبتها ملكة الأردن رانيا العبد الله وعنوانها (( أهل الهمة)), وهي دعوة مُوجهة إلى أبناء الشعب الأردني لاستكشاف أصحاب الهمة فيهم ليتسنى شكرهم ومكافأتهم على حسن صنيعهم في أهلهم وجيرانهم, عسى أن يكون هذا التكريم حافزاً لهم على الاستمرار في تقديم المساعدة لمن يحتاجها, وليكونوا عبرةً وأسوةً بأعمال البِر لغيرهم من أبناء شعبهم ليحذوا حذوهم.
وفي أسفل هذه المقالة حديثٌ في إطالة عن أصحاب الهمم العالية من أهل النخوة والأصالة.

أهل الهمة
[في حياتنا كثير من الأبطال.  قد لا يكونون خارقين بقدراتهم الجسدية لكنهم دون شك خارقون بتفانيهم لفعل الخير, بهمتهم وحسهم العالي بالمسؤولية.  هم من يستثمرون وقتهم وجهدهم في تحسين أوضاع غيرهم, قنوعون بما لديهم وهم كنزنا الذي لا يفنى ... هم "أهل الهمة".
خلال السنوات العشر الماضية كان لي شرف لقاء الكثير منكم, من خيرة الشعب.  كثيرون هم من لم يكتفوا بأضعف الإيمان وكرسوا وقتهم لتغيير الأشياء للأحسن, للسهر على رعاية أعضاء هذا الجسد الأردني, فكل منا عضو فيه ومسؤول عنه, ورعايته واجب علينا.
قابلت من يزرعون الخير في أراضي جيرانهم لا أراضيهم فحسب, يقتسمون مياه آبارهم مع أشتال جبال الأردن.  ومن على القمة يرون الصورة بأكملها, يرون النور خافتا في منطقة ما فيهرعون لإضاءتها بنور أعينهم, دون مقابل, دون حاجة للإعلان المسبق, ودون إسماع لهاث هرولتهم لأحد.  فهم يؤمنون أن الأرض واحدة والمصير واحد.
واجب علينا نحن أن نسمع ... أن ننظر وأن نشكر, فللمتميزين علينا حق الشكر.
في التاسع من حزيران نحتفل بذكرى تولي سيدنا عرش المملكة...
هو وقت احتفال واحتفاء بإنجازات بلدنا العظيم, لنبحث عن المتميزين ونكرمهم, لنجد أهل الهمة. هم من يهبون لمساعدة الغير, ولا أقول الأقل منهم حظا, فلا علاقة  للحظ بالهمة.  فالفقر هو ظن المرء أن ليس لديه ما يعطيه.  والجهل هو عدم الوعي بما حولك.
 الضعف هو أن تعلم ما يمكنك فعله وتتخاذل.
لكن النشمي هو المقدام على المصاعب حتى وان ثقل حملها, هو الساعي لفعل الخير... هم أهل الهمة, نشامى فعل وكلمة.
جعلوا الإنسان همهم.  عالمهم الشخصي أكبر من عالم الآخرين, فيه تحديات أكبر, عائلاتهم أكبر, حزن أكثر وفرح أكثر.
مسؤولياتهم أكبر من مسؤوليات غيرهم, وحملهم أثقل من حمل غيرهم, هم دون شك أقوى ... وكيف لا وهم أبطالنا!
هناك مقولة شهيرة تدعي بأن "الأبطال لا يصبحون أبطالا حتى يموتون".  حان وقت أن يكرم البطل وهو بيننا, أن يعلم أننا نرى عطاءه ونعلم أن قراره بتحمل مسؤولية غيره هو الأصعب.
"أهل الهمة", أبطال فلنتغنّ بهم ... فليعرف عنهم أطفالنا, لنروي قصصهم لكي يكونوا قدوة ومقياسا لما يمكن للنفس البشرية أن تحقق وكم هي قادرة على العطاء. هذه حملة وطنية لإيجاد أبطالنا, للكشف عن هويتهم.  والدال على الخير كفاعله.... فمن هم أهل الهمة؟] نهاية مقال (أهل الهمة) بقلم الملكة رانيا العبد الله.

وقبل أن أبدأ حديثي فلا بد من الإشارة إلى أن صاحبة الدعوة إلى تكريم أهل الهمة, ومن يقف وراء هذه الحملة هم كذلك من أهل الهمة , ولا يخفى على أحد الجهد المتواصل الذي يبذلهُ الملك عبد الله والملكة رانيا في خدمة وطنهم وشعبهم .
عن أنس بن مالك, رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {نحنُ سبعةٌ بنو عبد المطلب ساداتُ أهل الجنة, أنا , وأخي علي, وعمي حمزة, وجعفر, والحسن, والحسين, والمهدي} أخرجهُ جماعةٌ من أهل الحديث في كتبهم (1).
قال تعالى: {وبنينا فوقكم سبعاً شِداداً 12} النبأ. سبعة سماوات قويات مُحكمات.

ونحن إذ نتحدث عن أهل الهمة وبطولتهم في هذا البلد الهاشمي السيادة فلا بُد لنا من ذكر أبطال بني هاشم والتأسي بهم من أبناء فاطمة الزهراء وعلي, عليهم الصلاة والسلام أجمعين بمعيية النبي, فما عرفت الأمة شاباً صاحبُ همة كالحسين -عليه السلام- يأبى الدنية في دينه ونفسه, ويقدم روحهُ رخيصةً في سبيل إعلاء كلمة الحق في وجه الطغيان والاستعلاء.
يقول الراشد: (صاحب الهمة دوماً مهاجر يهجر السيئات وبكل مكان يجاهد بنفسه وماله ووقته, وعلو الهمة تريد من صاحبها أن ينتصر على نفسه فلا ينهزم أمامها فيموت قلبه وينطفئ عقله). ومن بعد الحسين جاء ولده علي الملقب ﺑ (زين العابدين) ليُكمل مسيرة العطاء الهاشمي السخي, فقد جاء في ذكر مآثره وكرمهُ أنهُ كان يسري في الليل والناس نيام, يحمل جراب الدقيق أو الخبز على ظهره فيذهب به إلى دار الفقير ويضعه على الباب دون أن يراه أحد ويقول :إن صدقة السر تُطفئ غضب الرب عز وجل ، فلما مات وجدوا خطوطاً سوداء على ظهره من آثار الحبال التي كان يحمل بها الدقيق ، وكان يعول أهل مائة بيت في المدينة ولا يعرفون مَن يعولهم ، فلما مات قالوا : ما فقدنا صدقة السر حتى مات زين العابدين, وهكذا فقد فضحت عيون الرحمَن الذي لا ينام ما أخفاهُ الظلام من مآثر هذا الشاب الهُمام, فيا لها من همةٍ عالية تطالُ السحاب, ويا لهُ من عطاء لا يُرجى منهُ إلا وجه الله المُعطي, وإن كان لا بُد لليل من جواد فإن أبى الحُسين فارسه.
قال تعالى: {عالم الغيب والشَهادة الكبير المُتعال 9 سواءٌ منكم من أسَرَ القول ومن جهَرَ به ومن هو مُسْتخْفٍ بالليل وساربٌ بالنهار 10} سورة الرعد.
يقول الراشد: (صاحب الهمة دائماً في إقبال على الدعوة حين يدبرون ووفاء حين يقدرون ومعرفة حين يفكرون ولا يبالي بعدها إن جهل اسمه الجاهلون).

رجل ذو همة يحيي أمة
أين من عيني حبيباً ساحراً     فيه عزٌ وجلالٌ وحياء 
ولا يزالُ الخيرَ في بني هاشم , ولا تزالُ العين الثانية عشرة من عيون محمدٍ (عليه الصلاة والسلام) تنتظر أمر الله بتفجيرها ليشرب منها أهل الإسلام ومعهم كل متعطشٍ وهائمٍ وحيران, إنها عينُ إمام الأُمة صاحبُ هذا الزمان المهدي عليه السلام, الذي لا تُطاول هممهُ الجبال, ويسخو بالعلم والمال, يحتاج إليه كل الناس ولا يحتاجُ إلى أحد سوى الله الواحد الأحد, يعرفُ كل الناس ولا يعرفهُ أحد غير الله الولي الأحد, عن عبد الله بن عطاء , قال : قلتُ لأبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام : أخبرني عن القائم (يعني الخليفة المهدي). قال : {والله ما هو أنا , ولا الذي تمُدُون إليه أعناقكم , ولا يُعْرَف , ولا يُؤبه له. قلت ُ: بما يسير ؟ قال : بما سار به رسول الله صلى الله عليه وسلم} (2), وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يكون عند انقطاع ٍ من الزمان وظهورٍ من الفتن , رجل يُقال لهُ المهدي, عطاؤُهُ هنياً} (3), وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَلَكَ الأرض أربعةٌ : مُؤمنان وكافران, فالمُؤمنان ذو القرنين وسليمان, والكافران نمرود وبُخت نَصَر, وسيملكها خامسٌ من أهل بيتي} أخرجهُ أبو الفرج ابن الجوزي في (تاريخه).
لقد أثارت مقالة الملكة رانيا عن أهل الهمة في الأردن شجوني بكل ما فيها من كلماتٍ ومعاني: (في حياتنا كثير من الأبطال .. لنبحث عن المتميزين ونكرمهم, لنجد أهل الهمة .. عالمهم الشخصي أكبر من عالم الآخرين, فيه تحديات أكبر, عائلاتهم أكبر .. حان وقت أن يكرم البطل وهو بيننا .. هذه حملة وطنية لإيجاد أبطالنا, للكشف عن هويتهم).

وكأني أسمع في نداء الملكة رانيا أبناء الوطن وطلبها منهم البحث عن البطل وإيجادهُ وكشف هويته, نداء يعقوب عليه السلام لبنيه وطلبهُ منهم أن يبحثوا عن قُرة عينه الغائب يوسف عليه السلام وشقيقه المسلوب بنيامين, قال تعالى: {يا بَني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله, إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون 87} سورة يوسف.
يقول تعالى مُخبراً عن يعقوب عليه السلام أنهُ ندب بنيه على الذهاب في الأرض يستعلمون أخبار يوسف وأخيه بنيامين, و (التحسس) يكون في الخير, و (التجسس) يكون في الشر, ونهَضهم وبشرهم وأمرهم أن لا ييأسوا من روح الله, أي أن لا يقطعوا رجاءهم وأملهم من الله فيما يرومونه ويقصدونه فإنه لا يقطع الرجاء ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون (4).
كان يعقوب عليه السلام يستشعر بقرب ظهور أمر ولده يوسف ولقاءه والسجود لهُ مع إخوانه تحقيقاً لرؤيا يوسف عليه السلام وهو صغير, وقد عَلق يعقوب عليه السلام أمله بالله لتحقيق هذه البُشرى وذلك بعد أن وصل إلى حالةٍ يُرثى لها من الحزن والكآبة وأشرف على الهلاك, إضافةً إلى ما أصاب أبناءه وعشيرتهُ من الضيق والجهد وقلة الطعام والجدب.

ويبدو أن الملكة رانيا قد استشعرت بقرب ظهور بطل الزمان الإمام المُنتظر ولقاءه والإقتداء به تحقيقاً لرؤيا المصطفى عليه الصلاة والسلام لمستقبل هذه الأمة, التي وصلت إلى حالةٍ يُرثى لها من الحزن والشِدة والضيق والضعف, وإذا أخذنا قول الملكة رانيا بأن (البطل بيننا) على محمل الجِد وبأعلى المستويات التي تحتملها كلمة (بطل), فهذا يعني أن الحُجة المُنتظر مُقيمُ هنا بيننا في المملكة الأردنية دوحة الهاشميين وبلدهم الأمين, ولعل دعوة الملكة رانيا إلى كشف هوية أبطال ذوي همة من أبناء هذا الوطن, كان مُحركها إلهاماً ربانياً وشعوراً باطنياً بأن من أبناء شعبها رجُلاً عظيم القدر كثير الفضلِ خفي الأمر, وفي الواقع فإن هذا خبرٌ قديم قد يصلُ إلى حد اليقين عرفتهُ منذ سنين بفحوى أحاديث سيد المرسلين وآله عليهم أفضل الصلاة والتسليم, عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {المهدي منا أهل البيت, رجلٌ من أُمتي, أشَمُ الأنف *, يملاُ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً} (5).
إن للكلام بشكلٍ عام وجهان: وجهٌ تلقائي ظاهر المعنى سهلُ الفهم بالنسبة لكثيرٍ من الناس, ووجهٌ باطنٌ خفي المعنى مُعقد التركيب يستنبطهُ العالمون والمتفكرون, وإذا تأملنا في قولهِ عليه الصلاة والسلام {المهدي منا أهل البيت} فإننا نفهم بديهةً من ظاهر القول أن المهدي من سلالة ونسل  أهل البيت الكِرام عليهم السلام, وبالقياس على أحاديث أُخرى مُطابقة لهذا القول وهي كقولهِ عليه الصلاة والسلام :{سلمانُ منا أهل البيت} و{عثمانُ منا أهل البيت}, فإننا قد نفهم أن المهدي منسوبٌ إلى أهل البيت كرماً وفضلاً لا وراثةً ونسلاً, وذلك أن كُلاً من سلمان وعثمان ليسا من ولد عبد المطلب, بل أن الأول ليس عربي أصلاً وإنما هو فارسي قَدِم إلى الحجاز للإسلام مع النبي عليه الصلاة والسلام.
ولكن وبعد مرور نحو 14 قرناً من الزمان على هذا القول النبوي الشريف فإن المهدي عليه السلام لا يزالُ غير معروف وظاهرٌ للعيان, وأغلب الظن وبحسب ما ذكرتهُ في أبحاثٍ كثيرة في باب ظهور كوكب النور المهدي عليه السلام, فإنهُ من المُرجح خروجهُ في غضون هذه السنين والأيام, ونظراً لما أطلعَ اللهُ عليه رسولهُ محمد عليه الصلاة والسلام من أخبار ما سيكون وما قد كان, فلا بُد أن قولهُ ومنطقهُ عليه الصلاة والسلام جامعاً متوافقاً ومنسجماً مع ثقافة الناس وروح عصرهم في جميع الأماكن والأزمان, وإذا أخذنا بعين الاعتبار ما آلت إليه ثقافة الناس من تقديسٍ للأوطان والمدن والبلدان, والتي فاقت محبتها وهويتها وشرف الانتساب إليها عند بعض الناس محبة ونسبة القبيلة والأبوان, فإننا قد نهتدي إلى فهم الوجه الخفي من قوله عليه الصلاة والسلام {المهدي منا أهل البيت}, وأما عن أسباب نشوء وتنامي هذا الحس الوطني المرهف والقوي عند الشعوب فإنها ترجع إلى انهيار وانقسام الدول والتكتُلات الكُبرى في العالم - على غرار الدولة العثمانية بالنسبة إلى الدول العربية والإسلامية – إلى دولٍ ودويلات صغيرة مُستقلة في حدودها وحكمها وثرواتها, وقيام نظام عالمي يرعى ويُصدق ويُكرس هذه الاستقلالية من خلال قوانين ومراسم وتظاهُرات لا حصرَ لها, كما عملت الأنظمة الحاكمة على تعزيز الحس الوطني عند شعوبها - وبشكلٍ خاص النشء الصغار منهم- من خلال المناهج الدراسية والحملات الإعلامية وغيرها, وهكذا فقد أصبح الوطن عقيدةً أساسية وضرورة من ضرورات الحياة السياسية والاقتصادية للشعوب, وأداةً ومُنطلقاً لهم للتواصل والتنافس مع الشعوب الأخرى في هذا العالم ,  ونستطيع أن نلمس مدى حب الأوطان والاعتزاز بها عند الشعوب من خلال مظاهر الفرح وعبارات الفخر التي يطلقونها احتفاءً بالإنجازات والأشخاص الذين يبرزون ويتفوقون من بلدانهم, فنجدهم لا ينفكون يقولون: هذا العالِمُ مِنا, وهذا البطلُ الرياضي منا, وهذا الأديبُ منا, ونحو هذا كثير ...

وقد كان للهاشميين من سلالة خير النبيين محمد عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم نصيبهم في هذا النظام العالمي الجديد, فأسسوا لهم دولة شرقي نهر الأردن سموها باسمهم (المملكة الأردنية الهاشمية), وبناءً عليه وعلى ضوء الحس الوطني العالي عند الناس في هذا الزمان فإن قولهُ عليه الصلاة والسلام {المهدي منا أهل البيت} ربما يتعدى حدود النسبة الوراثية إلى حدود النسبة الوطنية, أي أن حديث النبي عليه الصلاة والسلام ربما يحملُ في طياته إشارةً خفية ودلالة قوية على أن وطن المهدي ومقامهُ إنما هو في دولة آل بيتهِ المملكة الأردنية الهاشمية.

عن عبد الله بن مسعود, رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لو لم يبقى من الدنيا إلا يوم, لبعث فيه رجلاً من أهل بيتي, يُواطئ اسمهُ اسمي, واسم أبيه اسم أبي} أخرجهُ الحافظ أبو بكر البيهقي.
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لو لم يبقى من الدنيا إلا يومٌ واحد , لبعث اللهُ فيهِ رجُلاً اسمهُ اسمي, وخُلْقُهُ خُلقي , يُكنى أبا عبد الله , يُبايع لهُ الناس بين الركن والمقام, يَرُدُ اللهُ به الدين, ويفتحُ لهُ فُتوح, فلا يبقى على وجه الأرض إلا من يقول: لا إله إلا الله}.
فقام سلمان, فقال: يا رسول الله , من أي ولدك؟
قال: {من ولدي هذا}, وضرب بيده على الحسين. أخرجهُ الحافظ أبو نعيم في (صفة المهدي).
وعن عبد الله بن عمرو, قال : {يخرج رجل من ولد الحسين, من قِبل المشرق, ولو استقبلتهُ الجبال هدمها, واتخذَ فيها طُرقاً} أخرجهُ الطبراني في (معجمه).

كما جاء في حديث ابن مسعود فإن اسم أبا المهدي هو عبد الله كاسم أبا النبي عليه الصلاة والسلام, وإن من عادة بعض العرب أن تكني الرجل باسم أبيه, فتجدهم يكنون رجل اسمه وائل بن أحمد: بأبي أحمد, وسامح بن سليمان: بأبي سليمان .. وهكذا.
فإذا كان اسم أبا المهدي هو عبد الله, وكان المهدي من ولد الحسين, فهذا يعني أن المهدي هو ابن عبد الله بن الحسين, وعبد الله بن الحسين هو اسم الملك الهاشمي الأول المُؤسس للمملكة الأردنية أو ما كان يُعرف ﺑِ (إمارة شرقي الأردن), وذلك في أعقاب الثورة العربية الكُبرى التي بدأها والده الشريف الحسين بن علي من أرض مكة المُكرمة.
وعبد الله بن الحسين هو كذلك اسم الملك الهاشمي القائم حالياً بشؤون الحكم في المملكة الأردنية, وبالتالي فإن الدلالة المجازية لمعنى قول النبي عليه الصلاة والسلام بأن المهدي هو ابن عبد الله بن الحسين, هي أن المهدي عليه السلام هو من أبناء شعب ومملكة عبد الله بن الحسين الأول, وأن خروجهُ سيكون في عهد الملك عبد الله بن الحسين الثاني.
قال تعالى: {فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مِصرَ إن شاء الله آمنين 99 ورفع أبويه على العرش وخروا لهُ سُجداً , وقال هذا تأويلُ رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً , وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي. إن ربي لطيفٌ لما يشاء. إنهُ هو العليم الحكيم 100 ربي قد آتيتني من المُلك وعلمتني من تأويل الأحاديث. فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة, توفني مسلماً وألحقني بالصالحين 101} سورة يوسف.

لطيفة: إن مقالة الملكة رانيا (في حياتنا الكثير من الأبطال) تنسجم تماماً مع ما قالهُ السيد محمد باقر الصدر بهذا الخصوص عن الإمام المنتظر: (إن الإسلام حوَّل فكرة الخلاص من الإيمان بها في الغيب ، ومن فكرة ننتظر ولادتها ، ومن نبوئه نتطلع إلى مصداقها، إلى واقعاً ننظر فاعليته وإنساناً معيناً يعيش بيننا بلحمه ودمه ، نراه ويرانا ويعيش مع آمالنا وآلامنا ويشارك أحزاننا وأفراحنا ويترقب اللحظة الموعودة).

أصول المهدي عليه السلام بين الشجرتان
قال تعالى: {الله نور السماوات والأرض. مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباح, المصباحُ في زُجاجة, الزجُاجة كأنها كوكبٌ دُري يُوقد من شجرةٍ مُباركةٍ زيتونةٍ لا شرقية ولا غربية يكادُ زيتها يُضيء ولو لم تمسسه نار. نورٌ على نور. يهدي الله لنوره من يشاء. ويضرب الله الأمثال للناس. والله بكل شيءٍ عليم 35} سورة النور. شجرة مباركة زيتونةٍ لا شرقية ولا غربية: قيل هي بيت المقدس, فهي أرضٌ مباركة, كثيرة أشجار الزيتون من أينع ما يكون, وتقع بين الشرق والغرب.
رغم ما قلتهُ وأسهبت في شرحه حول نسبة الإمام المهدي إلى البيت الهاشمي, فإن هذا النسب والانتساب الهاشمي هو الآخر الخاتم وليس الأول السابق, ونستشفُ هذه الحقيقة من بعض الروايات التي دلت على أن الإمام المهدي ينحدر من أصول إسرائيلية, فعن حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): {المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدري؛ اللون عربي، والجسم جسم إسرائيلي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً, يرضي في خلافته أهل الأرض وأهل السماء، والطير في الجو، يملك عشرين سنة } (6).
وقوله عليه الصلاة والسلام: {الجسم جسم إسرائيلي}, يدل على أن المهدي ينحدر من سلالة إسرائيلية, لأن جسم الرجل طينته, وطينته هي من ماء أبواه, وأما قوله عليه الصلاة والسلام {اللون عربي} فهو يدل على أن أجداد الإمام المهدي العبرانيين قد عاشروا العرب وناسبوهم واكتسبوا صبغتهم, وهكذا إلى أن حدث الالتقاء في النسب بين الشجرتين المباركتين شجرة بني إسرائيل وآل يعقوب وشجرة بني هاشم وآل محمد, وهاتان الشجرتان أصلهم وجذرهم هو الخليل إبراهيم, وثمرتهم هو الإمام المهدي (عليهم الصلاة والسلام وآلهم جميعاً).
وهذا من حكمته جل في عُلاه, لأن آخر إمامٍ للناس في آخر زمان الدنيا ينبغي أن يجتمع لهُ فضل ونسب كل من سبقوه من الأنبياء والأئمة, حتى لا يكون هناك حُجةً لأحد من البشر في عدم إتباعه وطاعته والاهتداء بهديه.

الكنز المفقود
عن عبد الله بن عباس , رضي الله عنهما , قال : { يُبْعث المهدي بعد إياس , وحتى تقول الناس لا مهدي , وأنصاره من أهل الشام* عدتهم ثلاثمائة وخمسة عشر رجلاً , عدة أصحاب بدر , يسيرون إليه من الشام حتى يستخرجوه من بطن مكة , من دارٍ عند الصفا , فيبايعونه كرهاً فيصلي بهم ركعتين صلاة المسافر عند المقام , ثم يصعد المنبر } (7).
{أنصاره من أهل الشام}:  [إن الأنصار هو لقب أهل (يثرب), وهي المدينة التي آوى الله إليها رسوله وإمام الأمة الأول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد خروجه من مكة مُكرهاً بسبب عدوان مُشركي قريش, وقول ابن عباس: {أنصاره من أهل الشام} فيه إشارة ضمنية إلى أن دار المقام التي يؤوي إليها ويسكن فيها الإمام الآخر لهذه الأمة محمد المهدي (عليه السلام) هي من أرض الشام, وأرض الشام هي من تخوم بيت المقدس وما حوله, وبيت المقدس هو بيت الله الذي يمنعه الظالمين ويسعون في خرابه في هذا الزمان, على غرار مكة البيت الحرام في أول عهد الإسلام].
وقد حبا الله سبحانه وتعالى أرض الشام بمناخ ٍ مُعتدل وطبيعة متنوعة وجميلة, مما جعلها في مرمى أنظار الطامعين وبشكلٍ خاص اليهود الذي هاجروا إلى أرض فلسطين من دولٍ شتى, وتجمعوا فيها واستولوا على الكثير من أراضيها وأنشئوا موطناً لهم فيها بمساعدة البريطانيين, وقد دفع أهل فلسطين خاصة ودول الجوار من أهل الشام عامة ثمن هذا الاستيطان والظلم والعدوان, والذي تسبب لهم بأزمات سياسية واقتصادية وإستراتجية مُستدامة لا يُؤمَل تجاوزها.
وبسبب تردي الأحوال الاقتصادية بين الفينة والأخرى بحسب مجرى الأحداث في هذه المنطقة الجغرافية, فإننا كثيرٌ ما نسمع من أبناء هذه المنطقة عبارات الشكوى والتذمر على أحوالهم المعيشية, وإلى جانبها الأماني وعبارات الغبطة للدول الغنية التي تعيش بسلام مثل دول الجزيرة العربية, والتي أنعم الله عليها بظهور واستكشاف الكنوز والثروات الطبيعية الكامنة مثل البترول والذهب والغاز وغيرها.
ورغم القيمة العالية للثروات والكنوز في هذه الحياة الدنيا لما تجلبهُ من حظوة ونعيم لصاحبها, إلا أنهُ ثمة هناك ما هو أعلى وأغلى قيمةً منها, وهو الشيء الذي يوصل صاحبه إلى الحظ العظيم والنعيم الدائم في جنات الخُلد.

ويحضرني في هذا المقام قصة النبي (عليه وآله الصلاة والسلام) مع معشر الأنصار, وذلك في أعقاب فتح مكة وما حولها من قُرى, حيثُ كَثُرت أعداد المشركين الذين دخلوا في الإسلام من قريش وغيرها من القبائل, فأراد النبي (عليه الصلاة والسلام) أن يُؤلف قلوبهم ويسترضيهم وهم أُناس لا يزالون حديثي عهد بالجاهلية والمصائب التي نزلت بهم, فقسم عليهم (عليه الصلاة والسلام) ما غنمه من أموال وأنعام ولم يترك لمن سار وقاتل معه من الأنصار شيئاً يسدُ بهِ رمقهم, ولعلهُ (صلى الله عليه وسلم) قصد ذلك ليمتحنهم ويهيئ نفوسهم لما بعد فقدانه و وفاته, ولكن هذا الأمر لم يُعجب أناساً من الأنصار فصاروا يتحدثون بأحاديث يُظهرون فيها اعتراضهم وعدم رضاهم عن قسمة رسول الله, فلما بلغَ النبي (عليه الصلاة والسلام) ما تحدثت به الأنصار دعاهم وجمعهم دون غيرهم, و وعظهم منبهاً لهم على أن صحبته وجواره ومواطنته في أرض الأنصار خيرٌ لهم مما فاتهم من عَرَض الدنيا الزائل وذهب إلى غيرهم من الناس.
عن أنس بن مالك قال: لما كان يوم حنين ، التقى هوازن ومع النبي (صلى الله عليه وسلم) عشرة آلاف ، والطلقاء، فأدبروا ، قال : { يا معشر الأنصار} . قالوا :  لبيك يا رسول الله وسعديك ، لبيك نحن بين يديك ، فنزل النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : { أنا عبد الله ورسوله} . فانهزم المشركون، فأعطى الطلقاء والمهاجرين ، ولم يعط الأنصار شيئا ، فقالوا ، فدعاهم فأدخلهم في قبة ، فقال { أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وتذهبون برسول الله} . وقال (صلى الله عليه وسلم) : { لو سلك الناس واديا ، وسلكت الأنصار شعبا ، لاخترت شعب الأنصار} صحيح  البخاري.
[معنى الحديث: استنكر الأنصار أن يُعْطَى الذين أدبروا في المعركة من المهاجرين والطُلقاء - وهم أهل مكة الذين عفا عنهم النبي يوم الفتح - ولا يُعْطَى الأنصار الذين ثبتوا مع رسول الله ولبوا نداءه في قتاله لهوازن يوم غزوة حنين].
وفي رواية عبد الله بن زيد بن عاصم: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لهم: {يا معشر الأنصار! ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي ، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي ، وكنتم عالة فأغناكم الله بي ؟ أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وتذهبون بالنبي إلى رحالكم ؟ لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار ، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها ، الأنصار شعار ، والناس دثار ، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا ، حتى تلقوني على الحوض} صحيح الجامع.
إن تلك الثروات والكنوز الطبيعية التي ظهرت في أرض جزيرة العرب مهد الإسلام, ما هي إلا من عطايا الرحمَن وبركات البيت الحرام ومدينة خير الأنام محمد (عليه وآله الصلاة والسلام), ومن كثرة وطئ أقدامه وأصحابه لها ومن ضرب سنابك خيولهم على ثراها, ولتكون هذه الثروات عوناً على رعاية البيت الحرام, وسلطاناً يقوي دعائم دولة الإسلام. 
وإن وجود رجُلٍ صالح بقيمة الإمام المهدي في ربوع بلاد الشام ومن بعده سنده المُبارك المسيح عيسى ابن مريم (عليهم الصلاة والسلام) هو الثروةٌ بحد ذاتها, لأن بركة الأرض تكون ببركة أهلها وساكنيها.
عن حذيفة، رضي الله عنه، عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، في قصة المهدي عليه السلام، وظهور أمره، قال: {فتخرج الأبدال من الشام وأشباههم، ويخرج إليه النجباء من مصر، وعصائب أهل الشرق وأشباههم، حتى يأتوا مكة، فيبايع له بين زمزم والمقام، ثم يخرج متوجهاً إلى الشام، وجبريل على مقدمته، وميكائيل عل ساقته، يفرح به أهل الأرض، والطير، والوحوش، والحيتان في البحر، وتزيد المياه في دولته، وتمد الأنهار، وتُضعِف الأرض أُكُلها وتُسْتخرج الكنوز} (8).

لطيفة: B12 والإمام الثاني عشر
كشفت الدراسات والإحصائيات التي أجراها مجموعة من الأطباء وأساتذة الجامعات في الأردن أن حوالي نصف سكان المملكة الأردنية الهاشمية مصابون بنقص فيتامين (بي تولف), وهو فيتامين هام وضروري لتكون خلايا الدم الحمراء, ونقصهُ يؤدي إلى تلف في خلايا المخ والأعصاب وأمراض أخرى تفتك بالجسم, وبحسب دراسة أجراها الطبيب القرآني الدكتور جميل القدسي فإن معظم المصابين لديهم الجرثومة الحلزونية التي تمنع امتصاص فيتامين B12, وفي الحقيقة فإن انتشار ظواهر الفساد والتلوث الهوائي والغذائي والمائي والأخلاقي في العالم ككل وبشكلٍ خاص في العقدين الأخيرين, أدت إلى تحطيم المناعة الجسدية والنفسية عند شعوب العالم بنسبٍ وصورٍ متفاوتة ومتنوعة, وتتفشى في الأردن عددٍ من السلوكيات السيئة منها على سبيل المثال كثرة المُتعاطين لخمور الأنفاس –السجائر والتبغ المُعَتَق والمُشبع بالمواد الكيماوية والسامة- بين صبيانه ونسائه ورجاله, حيث تقترب نسبة المدخنين في الأردن من 50% من نسبة السكان, وهي نسبة تكاد تكون مساوية لنسبة المصابين بنقص فيتامين B12, هذا عدا عما تسببه عوادم السيارات التي تضيق بها شوارع المدن من تلوث بيئي كبير, حيثُ يعتبر الهواء الملوث بالسموم سبباً رئيسياً في تحطيم جدار المناعة في الجسم, وما من شك أن التدخين الذي يبدأه الناشئين وهم خائفين مختبئين حتى إذا كبروا أعلنوا عنه غير مكترثين هو من الفواحش والفسوق, ويتعدى أذى وحُمى التدخين الأشخاص المدمنين عليه إلى من حولهم من الناس, والذين إن قُدرَ لأجسادهم النجاة من أضراره الصحية فإن أنوفهم حتماً لن تنجو من اشتمام رائحته الكريهة, وفي كلتا الحالتين فإن المدخن آثم لأنه استجابةً لرغبته ألحق الأذى بالآخرين رغماً عن أنوفهم. وتأتي فاحشة التدخين التي فاحت رائحتها الكريهة في القرن العشرين بعد الزنا وشرب الخمر في درجة التحريم! فهل أنتم منتهين؟ واسمعوا يا أبناء بلد المُهاجرين لحديث سيد المرسلين محمد (صلى الله عليه وآله أجمعين) يذكر لكم المعصية وما يُسفر عنها من مرضً وابتلاء: {يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا ابتلوا بالطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا , ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا ابتلوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم , وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا , ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم , وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم} رواه عبد الله بن عمر, وإسناده صحيح.
وإنَ من حُسن حظ الشعب الأردني أن عوضهم الله عن نقص فيتامين (بي 12) في أجسامهم , بحلول الإمام الثاني عشر(12) من خلفاء المسلمين ضيفاً كريماً على بلدهم, عسى أن يُصلح الله بقرب طبيب القلوب والعقول منهم ما فسد من صحة أبدانهم, عن النعمان بن بشير قال , سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ. أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ. أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مضغة، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ} رواه الشيخان.

وعلى كل حال فإن أمراض الدنيا وفقرها وحُزنها أهون بكثير على الإنسان من خزي الآخرة وخسارتها التي لا مجال لتعويضها, وكما قال المسيح ابن مريم عليهما السلام: (إن الرضا بدنيء الدنيا مع سلامة الدين, خيرٌ من الرضا بدنيء الدين مع سلامة الدنيا).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

* نُشر لأول مرة في مدونة (ولي الدين والمسبار السحري) بتاريخ 6-5-2009
فكرة وإعداد: م. وليد أحمد القراعين

المراجع:
كتاب عقد الدرر في أخبار المنتظر.

الهوامش:
(1)- منهم: الإمام ابن ماجة في (سننه) في باب خروج المهدي, من كتاب الفتن, 2/1368, وأبو القاسم الطبراني في (معجمه).
(2)- من كتاب عقد الدرر في أخبار المنتظر, باب فتوحاته وسيرته.
(3)- أخرجهُ الحافظ الأصبهاني في (عواليه), وفي (صفة المهدي).
(4)- كتاب مختصر تفسير ابن كثير.
(5)- أخرجهُ الحافظ أبو نعيم في (صفة المهدي).
* الشمم: ارتفاع قصبة الأنف, واستواء أعلاها, وإشراف الأرنبة قليلاً. النهاية لابن الأثير 2/502.
(6)- أخرجه الحافظ أبو نعيم، في مناقب المهدي.وأخرجه الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه.
(7)- أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد , في كتاب الفتن في باب اجتماع الناس في مكة وبيعتهم للمهدي فيها . الفتن لوحة 94 .
(8)- أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقرئ، في (سننه). 
(9)- أخرجه ابن جرير ورواه الطبراني, وإسنادهُ جيد.
(10)- أخرجه الإمام أبو عمرو الداني, في (سننه).  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق