الاثنين، 1 أبريل 2013

يا صاحب الهدف الكبير

بسم الله الرحمَن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أكرم المرسلين , سيدنا محمد وآله وأصحابه وأحبابه أجمعين.
 أما بعد ؛ طريقة جديدة في كتاباتي على هذا المدونة انتهجهُا في هذه المشاركة , حيثُ سأكتفي بالتعقيب على فقرات مقالة للشيخ نبيل العوضي بعنوان "صاحب الهدف الكبير" , وقد اخترت لكم هذه المقالة التي وصلتني بواسطة أحد الأصحاب عبر بريدي الالكتروني , لِما لها من قيمة معنوية في تحفِيز الشباب الطَمُوح الحَالم على تحقيق أحلامهم , والمضي قُدُماً في طريقهم نحو المجد متجاوزين لكل محاولات الهدم والتثبيط التي قد تستوقفهم أثناء هذه الرحلة الصعبة.   

صاحب الهدف الكبير
"الشيخ نبيل العوضي"
علمتني الحياة أن من عاش لهدف كبير فإنه يعيش كبيراً ويموت كبيراً ويبقي في ذاكرة الناس كبيراً، ومن عاش بغير هدف أو لهدف حقير فإنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً.

* تعقيب: [قُطب الزمان السيد الجليل الشيخ الكبير السيد أحمد بن أبي الحسن الرفاعي الحسيني قدسَ الله سره العزيز , كان من أجل القوم إمكاناً وأتمهم أخلاقاً وإحساناً , لقبهُ الناسُ ﺑ "الكبير", لدراسته ومهارته العلمية. كان يكشف عن الحقائق , ويأتي بالعجائب , ويُظهر الدقائق العلمية بما لا يخطر على بال أحد , فاشتهر بهذا اللقب الشريف , حتى صار جُزءاً من اسمه.
كَرَمهُ الله بما لم يحظى به أحد من الناس من قبله ولا من بعده, وشَرَفهُ بتقبيل يد جده المصطفى –عليه وآله الصلاة والسلام- وتكليمه وأخذ البيعة منه على مرآى ومسمع من الحضور الكرام. وقد وقعت هذه الكرامة الكبيرة للإمام الرفاعي الكبير في حَجِهِ الأول عام (555) هجرية, وكان عمرهُ حينها 43 عام , وأمضى سيد الأولياء أحمد الرفاعي بعد هذه البيعة المباركة (23) عام من عُمرهِ في خدمة العِلْم والدين وأُمة المسلمين حتى توفاهُ الله تعالى.
ولم يكد ينتهي قرنهُ المبارك وعهدهُ الميمون حتى كتب اللهُ للسلطان المُجاهد المُنجد (صلاح الدين الأيوبي) فتح بيت المقدس وتطهيرها من دَنسِ الصليبيين في عام (583) هجرية, أي بعد مرور نحو خمسة (5) أعوام على وفاة الإمام الرفاعي - رحمه الله- التي كانت في عام (578) هجرية في أم عبيدة بواسط العراق, عن عمر يُناهز ستة وستون (66) عام وستة أشهر] (1).

والإنسان في سبيل تحقيق هدفه لا بد أن يضحى ويتعب وينصب، فكلما كان الهدف أكبر كلما كانت التضحيات أكبر، فما قيمة الوقت في سبيل تحقيق الهدف العظيم، وما قيمة المال من أجل الوصول لهذا الهدف، بل إن النفوس لترخص أحياناً من أجل بعض الأهداف، {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} ومن هذا لما طعن (حرام بن ملحان) وسال دمه قال (الله أكبر فزت ورب الكعبة) !!.. كيف يفوز وقد قتل؟! لأنه وصل إلى الهدف الذي من أجله كان يعيش.

* تعقيب: [قال تعالى : { كل نفسٍ ذائقة الموت . وإنما تُوَفون أجوركم يوم القيامة, فمن زُحزِحَ عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز. وما الحياة الدنيا إلا متاع الغُرُور 185} آل عمران.
وقال تعالى: { إنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)} سورة التوبة].

إن الغلام الذي دل الملك على كيفية قتله ، وقتله الملك ، قد حقق هدفه الكبير الذي كان يحلم به ويصبو إليه ، من أجل هذا الهدف الكبير قتل (عمر بن الخطاب) وذبح (عثمان بن عفان) وسالت دماء الإمام (علي بن أبي طالب) ، ومن أجل الهدف الكبير كانت تلك المذبحة العظيمة لسيد شباب أهل الجنة (الحسين بن علي) وآل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .

* تعقيب : [عن ابن عمر رضي الله عنهُ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {تحفة المؤمن الموت} أخرجهُ الطبراني بسندٍ حسن.
وعن علقمة بن قيس , وعبيدة السلماني , عن عبد الله بن مسعود , قال : أتينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , فخرج إلينا مستبشراً , يُعرف السرور في وجهه , فما سألناهُ عن شيءٍ إلا أخبرنا به , ولا سكتنا إلا ابتدأنا , حتى مرت فئةٌ من بني هاشم , فيهم الحسن والحسين , فلما رآهم خبَر بمَمَرهم – اعترضهم- , وانهملت عيناهُ , فقلنا : يا رسول الله , ما نزالُ نرى في وجهك شيئاً تكرهُه .

فقال : {إنا أهل البيت اختارَ اللهُ لنا الآخرةَ على الدنيا , وإنهُ سيلقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد , حتى تُرفع رايات سُود  من المشرق, فيسألون الحقَ فلا يُعطونهُ , ثم يسألونهُ فلا يُعطونهُ , فيُقاتلون فيُنصرون , فمن أدركهُ منكم ومن أعقابكم فليأتِ إمام أهل بيتي , ولو حبواً على الثلج , فإنها رايات هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهل بيتي ,..} أخرجهُ الحاكم في مُستدرَكه].

في سبيل تحقيق الهدف الكبير يتربص بك المثبطون المعوقون ، وسيحاول الكثيرون تأخيرك عن الوصول ، ويشغلونك بمعارك جانبية كل هدفهم ألا تصل إلى مرادك ولا تحقق غايتك ، فلا تلتفت إليهم وامض قدماً فالعمر قصير والهدف أكبر من هؤلاء المعوقين .

* تعقيب : [قال تعالى:{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ۚ أُولَٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (19)}, وقال تعالى: { وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا (48)}, وقال تعالى: {لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)} (من سورة الأحزاب)].

وأنت ترقى إلى المجد وتتسلق إلى القمة سيرمونك بما يستطيعون من الحجارة ويقذفونك بأقسى الكلمات ، ويؤلبون ويحشدون عليك ما استطاعوا ، كل هذا حتى لا تصل إلى القمة وتحقق الغاية، وكلما اقترب وصولك إلى الهدف الكبير تزايد المثبطون والمتربصون ، وتكاثر المعوقون ، فان رأيت الخصوم يتزايدون فاعلم أن المجد قريب والهدف قد أزف.

* تعقيب : [ قال تعالى : {لتُبْلَوُنَ في أموالكم وأنفسكم ولتسمَعُنَ من الذين أُتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً. وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور 186} آل عمران.
وقال تعالى: {فاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)} الحجر.

عن عبد الله بن عباس, رضي الله عنهما, قال: {يبعثُ اللهُ المهديُ بعد إيَاس . وحتى تقولَ الناسَ: لا مهدي ,..} 2 .
قال تعالى {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ 110} سورة يوسف.
وقال تعالى: { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57)وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59)} الشعراء].

إن التافهين في هذه الدنيا لا أحد يبالي بهم، غاية مرادهم أن يعيشوا، هدفهم في الحياة أن يأكلوا ويشربوا ويتمتعوا، لا يبالى أحدهم إن عاش ذليلاً أو عزيزاً ، أهم شيء أن يعيش، لا يعترض إن عاش حياة الهوان, ومن يهن يسهل الهوان عليه .. ما لجرح بميت إيلام !! هم في الحياة صفر ولكنه على الشمال،هم رعاع لا تأثير لهم في الحياة وأحياناً يكونون عبئاً عليها.

* تعقيب: [(إنَ التافهين في هذه الدنيا لا أحد يُبالي بهم) , للأسف فإن بعض الجادين وأصحاب الشأن العظيم من المُستخلفين في هذه الدنيا لا أحد يُبالي بهم أيضاَ, لأن الموازين في هذه الفترة من الزمان قد انقلبت, يُكذب الصادق ويُصدق الكاذب, يُأمن الخائن ويُخون الأمين, كما أخبر بذلك سيد المرسلين.
عن عبد الله بن عطاء , قال : قلتُ لأبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام : أخبرني عن القائم (يعني المهدي). قال : {والله ما هو أنا , ولا الذي تمُدُون إليه أعناقكم , ولا يُعْرَف , ولا يُؤبه له. قلت ُ: بما يسير ؟ قال : بما سار به رسول الله صلى الله عليه وسلم} (3) ].

صاحب الهدف الكبير همته عالية ، لا يكل ولا يمل ، إن لم يصل إلى هدفه من طريق سلك طريقاً آخر ، عنده رؤية واضحة ، يقسم الطريق إلى أهداف مرحلية يضع لها الخطط الممكنة ، والوسائل الموصلة ، ويقدر الأوقات اللازمة ، ويبدأ بالتنفيذ مستعيناً بربه متوكلاً عليه .

* تعقيب : [قال تعالى : {وكأين من نبي قاتل معهُ ربيون كثيرٌ فما وهَنوا لما أصابهم في سبيل اللّه وما ضَعُفُوا وما استكانوا. واللهُ يحبُ الصابرين 146} سورة آل عمران, وقال تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ 43} الزحرف, وقال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)} الكهف.

(وآخر الفتن والعلامات قتل النفس الزَكِية, فعند ذلك يخرج الإمام المهدي ذو السيرة المَرْضِية, فيُشَمر عن ساق جِدِهِ في نُصرة هذه الأُمة, حاسراً عن ساعِد زَندِهِ -ذراعه- لكشفِ هذه الغُمة, مُتحركاً لتسكين ثائرة الفتن عند التهابِها, مُتقربِاً لِتبعِيد دائرة المِحَن بعد اقترابها, صارفاً أعِنَة العناية لتدارُكِ هذا الأمر, مُباشراً بنفسهِ الكريمة إطفاء هذا الجَمْر, مُخلِصاً في تخليص البلاد من أيدي الفَسَقةِ الفَجَرة, كافاً عن صُلَحَاء العِباد أكُفَ المَرَقةِ الكَفرة, وجبريلُ على مُقدمته, وميكائيلُ عل سَاقته, والظَفرُ مقرونٌ ببنوده, والنصرُ معقودٌ بألويته, وقد فرِح أهل السماء والأرض والطير والوحوش بوِلايَته) (4). نفحات نشره: نفحات ذكية رائحتها عطِرة ].

صاحب الهدف الكبير يعلم أن كل عامل يخطئ، وأن أي خطة قابلة للتعديل، ولا عيب في الاعتراف بالخطأ وتقويم الطريق، فهو يستفيد من خصومه ومنتقديه، ويطلب النصح من المخلصين، فأحياناً يسدد الهدف وأحياناً يقارب، ولا يعيبه الخطأ، ولا يثبطه تشمت المتربصين، ولا يضيره تتبعهم لعثراته، فالكل يخطئ ولكن أيهم يفوز بالسباق ويصل للهدف.

* تعقيب :  [قال تعالى: {وظنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ 24 فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ 25 يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ 26} سورة ص.
وقال تعالى : {وذا النون إذ ذهب مُغاضباً فظنَ أن لن نقدرَ عليه فنادى في الظُلمات أن لا إلهَ إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين 87} سورة الأنبياء.
وقال تعالى: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) } الشعراء.

عن رسول الله صلى الله عليه الصلاة والسلام أنهُ قال : ((كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون)) رواهُ الترمذي عن أنس.
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب , رضي اللهُ عنهُ , قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : {المهدي منَا أهل البيت يُصلِحُهُ اللهُ في ليلةٍ واحدة} أخرجهُ الإمام احمد بن حنبل في مُسْنَده] .

صاحب الهدف الكبير لا ينظر إلى رضا الناس، فرضاهم وإن كان مهماً إلا أنه لا قيمة له إذا تعارض رضاهم وتحقق الهدف، ولهذا جاء في الحديث {من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس}. ولأن الهدف كان كبيراً، حقق الله له الغايتين، فإن كنت مقتنعاً بهدفك ، فلا يضيرك سخط الناس، فالأنبياء منهم من قتل ومنهم من كذب، وكلهم عودي.

* تعقيب : [قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)} القلم.
وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىا بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ 112} الأنعام.
وعن معاذ بن جبل , رضي الله عنه , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {لا تزالُ عِصابة من أُمتي يُقاتِلون على أبواب دمشق وما حولها , وعلى أبواب بيت المقدس وما حولها , لا يضُرُهم خِذْلانُ من خَذَلهم , ظاهرين على الحق إلى يوم القيامة} أخرجهُ البخاري ومسلم في صحيحيهما ] .

صاحب الهدف الكبير قد يغير مجرى التاريخ وقد يبدل حياة الناس إلى الأصلح والأحسن وقد ينشر في الأرض العدل بعد انتشار الظلم والجور ، ومع هذا فهو واحد بين الجموع ، وهم القلة في العالمين ، وهم الصفوة بين البشر … فهل كنت منهم … صاحب هدف كبير ؟

* تعقيب : [عن علي بن علي الهلالي , عن أبيه , قال : (دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهو في الحالة التي قُبض فيها , فإذا فاطمة عند رأسه , فبكت وارتفع صوتها , فرفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) طَرفَه إليها , فقال : {حبيبتي فاطمة , ما الذي يُبكيك ؟} قالت : أخشى الضَيْعَة من بعدك.

فقال :{يا حبيبتي , أما علمتِ أن الله اطَلَعَ على أهل الأرض اطِلاعَة , فاختار منها أباكِ, فبعثهُ برسالته, ثُم اطَلَعَ طِلاعَة, فاختار منها بعلَكِ, وأوحى إليَ أن أُنكِحكِ إياه, يا فاطمة, ونحنُ أهلُ بيتٍ قد أعطانا الله عز وجل سبع خصال, لم تُعْطَ أحداً قبلنا ولا تعطى أحداُ بعدنا, أنا خاتم النبيين, وأكرم النبيين على الله عز وجل, وأحب المخلوقين إلى الله عز وجل, وأنا أبوك ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله عز وجل , وهو بعلك, وشهيدنا خير الشهداء, وهو حمزة بن عبد المطلب, عم أبيك, وعم بعلك, ومنا من لهُ جناحان أخضران, يطير بهما في الجنة مع الملائكة حيث شاء, وهو ابن عم أبيك, وأخو بعلك, ومنا سبطا هذه الأمة, وهما ابناك الحسن والحسين, وهما سيدا شباب أهل الجنة, وأبوهما – والذي بعثني بالحق – خيرٌ منهما.

يا فاطمة, والذي بعثني بالحق, إن منهما مهديَ هذه الأمة, إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً, وتظاهرت الفتن, وتقطَعَت السُبل, وأغار بعضهم على بعض, فلا كبير يرحم صغيراً, ولا صغير يُوقر كبيراً, فيبعثُ الله عز وجل عند ذلك منهما من يفتح حُصون الضلالة, وقلوباً غُلْفاً, يقومُ بالدين في آخر الزمان, كما قُمتُ به في أول الزمان, ويملاُ الدنيا عدلاً, كما مُلِئت جوراً.

يا فاطمة, لا تحزني ولا تبكي, فإن الله عز وجل أرحم بك وأرأف مني, وذلك لمكانك مني, وموقعك من قلبي, قد زوجك الله زوجك, وهو أعظم حسباً, وأكرم منصباً, وأرحم بالرعية, وأعدلهم بالسوية, وأبصرهم بالقضية, وقد سألتُ ربي عز وجل أن تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي}.

قال علي , عليه السلام: فلما قُبض النبي صلى الله عليه وسلم, لم تبق فاطمة إلا خمسة وسبعين يوماً, حتى ألحقها الله تعالى به, عليهما السلام) 5.

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب , رضي الله عنه , قال : {... , فيجمعُ اللهُ عز وجل أصحابه (يعني المهدي) على عدد أهل بدر , وعلى عدد أصحاب طالوت , ثلاثمائة وثلاثة عشرَ رجلاً , كأنهم ليوث خرجوا من غابة, قلوبهم مثل زُبَرِ الحديد, لو هموا بإزالة الجبال لأزالوها عن موضعها, الزِي واحد, واللباس واحد, كأنما آباؤهم أب واحد, .. , ثم قال أمير المؤمنين , رضي اللهُ عنه : وإني لأعرفهم , وأعرفُ أسمائهم . ثم سمَاهم , وقال : يجمعهم اللهُ عز وجل , من مطلع الشمس إلى مغربها , في أقل من نصف ليلة , فيأتون مكة ...} 6 ] .

* ختاماً أقول: جَازا اللهُ الشيخ نبيل العوضي عنا خيراً , ورزقهُ الصبر والثبات على الغاية الكبرى والطريقة المُثلى , إنهُ وليُ ذلك والقادرُ عليه. ولكن هل عرفتم من هو صاحب الهدف الكبير؟

عن الحسين بن علي , عليهما السلام , أنهُ قال : {لو قام المهدي لأنكرهُ الناس, لأنهُ يرجعُ إليهم شاباً موفقاً, وإنهُ من أعظم البليةِ أن يخرجُ إليهم صاحبهم شاباً, وهم يحسبونهُ شيخاً كبيراً} 7.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 المراجع:

- كتاب عقد الدرر في أخبار المنتظر, للإمام الشافعي المقدسي.

الهوامش:

1- لمزيد من التفاصيل, راجع موضوع: "كرامة سلام الإمام الرفاعي على خير الأنام".
2- أخرجهُ الحافظ في كتاب الفتن.
3- كتاب عقد الدرر, باب فتوحاته وسيرته.
4- كتاب عقد الدرر, الفصل الرابع في زَبد أحاديث مرضية.
5- أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في (صفة المهدي).
6- عقد الدرر, الفصل الثاني في الخسف بالبيداء وحديث السفياني.
7- عقد الدرر , باب عدله وحِليته.


* نُشر لأول مرة على مدونة (ولي الدين والمسبار السحري) بتاريخ 6-1-2008
    إعداد : وليد الكراعين








  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق