الأربعاء، 3 أبريل 2013

آيات وأخبار السماء في النهار والمساء


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خير المرسلين ورحمة الله للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد.

[قبل التهنئة بقدوم العام الميلادي الجديد (2011), فإنني أهنئكم بذهاب وانصراف العام الميلادي المُنصرم (2010), وذلك أن الناس في هذه السنين المُحيرة لا يعرفون الفرح والابتهاج إلا بذهاب وزوال الأشياء من بشرٍ ودُولٍ وأيامٍ وسنوات تجثم على صدورهم ونُثقل كاهلهم] (1).

مُقدمة:
قال تعالى : {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا 13  اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا 14 مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا 15} الإسراء.

رغم أن أبي أحمد ليس لديه مَلكة القراءة والمطالعة باستثناء ما تيسر من كتاب الله, إلا أنهُ لا يمتنع عن قبول ما يُهدى إليه من كُتب العلم النافعة, ومن ضمن ذلك كان كتاب (عقْدُ الدُرر في أخبار المُنتظر) (2), والذي أهُدي إليه في صيف سنة 1999م.
ورغم أن عنوان الكتاب كان جذاباً بالنسبة لي لما ينطلي عليه من أخبار وأحداث الساعة التي نتوق لكشف اللثام عنها, وبشكل خاص تلك الأحداث التي تتعلق بالفترة الزمنية التي نعيشها, إلا أن الله لم يأذن لي ويوفقني إلى فتح وقراءة هذا الكتاب إلا بعد شهورٍ عديدة من وصوله إلى دارنا, وبعد أن بدأت أتصفح هذا الكتاب فإنني وجدتُ فيه شيئاً مميزاً ومُختلفاً عن الكُتب المعروفة التي قرأتها سابقاً في موضوع أشراط الساعة, وذلك من حيث اشتماله إضافة إلى الأحاديث النبوية والقرآن الكريم على أحاديث وروايات أئمة آل بيت النبوة وبعض الصحابة والتابعين (سلام الله ورضوانه عليهم أجمعين), وبشكل خاص الروايات التي تتعلق بعلامات ولاية وبعث آخر أئمة هذه الأمة أبي عبد الله المهدي (عجل الله فَرَجه). هذا إلى جانب أن مؤلف الكتاب لم يقتصر على الأحاديث النبوية الصحيحة والمشهورة في هذه القضية, وإنما أورد الكثير من الروايات والأحاديث على اختلاف حكمها وعللها ودرجة صحتها وقوة سندها, وهذا من شأنه إثراء الموضوع وزيادة المعرفة والإطلاع, وإن القليل من الخطأ والضعف إن قُدِرَ وجوده في بعض الروايات يجب أن لا يكون مانعاً لنا من تحصيل الكثير من العلم الذي تحملهُ في ثناياها, وإنه من غير المستبعد أن تكون بعض الروايات قد وصلت إلينا بشيءٍ من الزيادة والنقصان والتغير في ألفاظها عما رويت به عن النبي (عليه الصلاة والسلام) والأئمة الكرام, إلا أنها تبقى إرثٌ علمي تنطوي فيه معارف وحقائق لا يسعنا إلا أن نتفكر فيها ونتدارسها قبل إصدار الحكم عليها وتعاهدها بالأخذ أو الترك, وإن المعيار الحقيقي لصحة الخبر يكون بالمعاينة والتجربة والقياس, وطالما كانت هذه الروايات والأخبار غير الدقيقة أو المُنكرة - بحسب الشروط والمقاييس التي وضعها علماء السند والجرح والتعديل- تتعلق بأُناسٍ وأحداثٍ من أزمنة مختلفة ولا تتعلق بالأحكام والشريعة المُلزمة, فإن الأخذ بها أو تركها كلها أو بعضها مقرونٌ بمدى مصداقيتها وجدواها العلمية عند إسقاطها على الواقع ومطابقتها مع الأحداث العملية. وإن الأهم من المعلومة المنقولة ومصدرها هو الشخص المُتلقي لها, فإن كان هذا الشخص على علمٍ ودِراية كافية بأمور الدين, وفي قلبه نورٌ ويقين, ومُوفقٌ من الله الكريم, فإنه سوف يخلُص إلى ثمار وأسرار هذه الروايات والأخبار, ويُفندها ويأخذ منها ويترك بقَدَرٍ معلوم بحسب الجدوى والضرورة. وأما إن كان المُتلقي جاهلٌ أو نصف عالم أو عالمٌ غير مُوَفق من الله لهذا النوع من المعرفة, فإنهُ قد يأخذ بالرواية أو يردها كلها أو بعضها دون تمييز وفهمٍ صحيح وتحليلٍ دقيق لما فيها من خبر, ولهذا قيل: (أهلُ مكة أدرى بشِعابها).
وبفضل من الله فإنني قد تجلى لي الخبر واهتديت إلى المُطابقة بين الحَدثِ والأثر من خلال الكثير من الروايات التي قرأتها في كتاب (عقد الدرر) على اختلاف درجة صحة أو ضعف هذه الروايات, وللأمانة فإنني ذُهلت من شفافية بعض الروايات التي نُقلت قبل مئات السنوات عن الرسول والأئمة الكرام (عليهم الصلاة والسلام), والتي شعرت من خلالها بأن هذا الإمام الذي يروي الخبر يعيش معنا ويسمعنا ويرانا ويعلم بحقيقة حالنا أكثر من أبناء زماننا, وكيف لا وهؤلاء الأئمة هم الرسول وأبناءه وأتباعه وخلفاء الله في أرضه (عليهم صلوات الله ورضوانه), فلا يعزب عن علمهم أسمائنا وصفاتنا وأعمالنا وأحوالنا ما شاء الله لهم أن يعلموا.
ولو توقفنا تحديداً عند مسألة الإمام المهدي المنتظر, فمن يا ترى هو أولى وأجدر بالحديث عن هذه القضية الكُبرى وشرح مُلابساتها وأحداثها من جدهِ النبي وابن عمه علي, وأبناء فاطمة الزهراء من الأئمة والشهداء والعلماء (صلوات الله وسلامه عليهم أهل البيت), وهم الذين بدء الله بهم هذا الدين, وجعلهم ذُخراً وفِداءً ومدداً لأمة المسلمين, من أول الزمان وحتى وقت خروج حفيدهم وخاتمهم الإمام المهدي (عليه السلام), وذلك هو الوقت الذي تكون فيه الأمة أضحوكةً وألعوبة بأيدي أعداءها من أهل الظلم والعدوان, كما هي الآن.
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب, رضي الله عنه , قال : {قلتُ يا رسول الله , أمنا المهدي , أو من غيرنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل منا, يختمُ الله به الدين كما فتحهُ بنا}(3).   

وفي هذا المقال فقد وقع الاختيار على بعض الروايات التي تتحدث عن العلامات والآيات التي تسبق خروج الإمام المهدي المُنتظر, وهذه العلامات مرتبطة بشكل خاص بالظواهر الطبيعية والسلوكيات الاجتماعية. وستكون البداية مع آية النداء والصوت من السماء, وهي ما يُعرف كذلك باِسم (الصيحة والهدة), وهي علامة لا علم لكثيرٍ من الناس بها, وقد وفقني الله إلى تتبع هذه العلامة ومراقبة حدوثها وفهم مغزاها على وجه التمام في غفلةٍ من كثيرٍ من الخلق والأنام.
قال تعالى: {وقالوا لولا نُزِلَ عليه آيةٌ من ربهِ. قُل إنَ الله قادرٌ على أن يُنزلَ آيةً ولكن أكثرهم لا يعلمون 37} سورة الأنعام.
ورغم أن هذه العلامة قد وقعت وتحققت منذ وقتٍ طويل يزيد عن ستة أعوام, إلا أنني أرى أنهُ من الواجب ذكرها وبيانها خاصةً وأن المرجع الوحيد لهذه الواقعة هو عقلي وذاكرتي, وفيما عدا ذلك فأني لم أسمع أن أحداً من الناس قد أدرك هذه العلامة وتعاهدها بالذكر والبيان.
وأما العلامة الثانية التي سأبينها في هذا المقال فهي (خسوف القمر وكسوف الشمس), وهما آيتان عظيمتان تكونان في شهر رمضان, في السنة التي تسبق آية الصوت.

الصيحة والصوت والهدة
قال تعالى : {واستمع يوم ينادِ المنادِ من كان ٍ قريب 41 يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يومُ الخروج 42} سورة ق.
ذكر الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي في تفسيره، في قوله تعالى:  {إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين 4} أي ذليلين, سورة الشعراء.
قال: قال أبو حمزة الثمالي (4) في هذه الآية: بلغنا، والله أعلم، أنها صوت يسمع من السماء، في النصف من شهر رمضان، تخرج له العواتق من البيوت.
وعن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  {يكون في رمضان صوت}.
قالوا: يا رسول الله، في أوله أو وسطه أو في آخره؟ قال:  {بل في النصف من شهر رمضان، إذا كانت ليلة النصف ليلة الجمعة، يكون صوت من السماء يصعق له سبعون ألفاً، ويخرس فيه سبعون ألفاً، وتفتق فيه سبعون ألف عذراء }. قالوا: فمن السالم يا رسول الله؟
قال: {من لزم بيته، وتعوذ بالسجود، وجهر بالتكبير}. قال: {ويتبعه صوت آخر، فالصوت الأول صوت جبريل، والصوت الثاني صوت الشيطان، فالصوت في رمضان والمعمعة في شوال، وتميز القبائل في ذي القعدة، ويغار على الحاج في ذي الحجة والمحرم.
وأما المحرم أوله بلاءٌ، وآخره فرج على أمتي. راحلة في ذلك الزمان ينجو عليها المؤمن خير من دسكرة تغل مائة ألف}. دَسْكَرَة: الأرض المستوية, أو القرية العظيمة. وفي وقتنا هي أشبه بالإستاد الرياضي الذي يتسع إلى الحشود المؤلفة.
أخرجه الإمام أبو عمر وعثمان بن سعيد المقري في (سننه) هكذا.وأخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر ابن المنادي، من حديث ابن الديلمي (5)، وزاد فيه بعد قوله: يصعق له سبعون ألفاً، قال: {ويعمى سبعون ألفاً، ويتيه سبعون ألفاً}، ثم ذكر الباقي بمعناه.

منذ أن بدأت أتصفح كتاب (عقد الدرر في أخبار المنتظر) بدأت الأخبار والحقائق الكامنة في صفحاته تنجلي أمامي شيئاً فشيئاً, وكنت في بادئ الأمر أُطابق الأحاديث والروايات مع أحداث وقعت وتحققت في الماضي القريب أو البعيد, ثم بعد أن قطعت شوطاً في القراءة والفهم والاستنباط أمكنني أن أفيد من الروايات في تحديد الحدث القادم والخطوة اللاحقة,وذلك ضمن سلسلة العلامات المتعاقبة والأحداث السريعة التي تسبق ظهور أمر الإمام المهدي عليه السلام, وكانت آية الصوت المذكورة في الحديث أعلاه من ضمن العلامات التي وُفقت إلى التنبؤ بوقوعها, وأذكر أنني في ذلك الوقت وقبل نحو شهر من تحقق هذه الآية أخبرت أمي وجارةً لنا – امرأة ذات علم  ودين كانت تجالسنا- بأن الصيحة ستقع في شهر رمضان من هذا العام, وكان ذلك في سنة 2004 ميلادية الموافقة لسنة 1425 هجرية, وقد كان شهر رمضان حتى تلك السنة يدخل علينا في أيامٍ شتوية وخريفية باردة في مُعظمها, إلا أن الحالة الجوية غير المألوفة في تلك السنة تمثلت بالأجواء الصيفية والحرارة المرتفعة والشمس الحادة السطوع, وقد استمرت هذه الحالة الجوية بشكلٍ متواصل على نفس النسق دون انقطاع حتى اليوم الرابع من شهر رمضان وكان يوم (خميس), حيثُ انقلبت الحالة الجوية في ذلك اليوم من الصيفية إلى الشتوية, وهبت الرياح القوية وغابت الشمس خلف ركام الغبار والسُحب المتكاثرة وأخذت الحرارة بالانخفاض, وقد تنبهتُ حين حدث هذا الانقلاب إلى أن آية الصوت التي توقعت حدوثها في هذا الموسم توشك أن تتحقق, على الرغم من أنني كنت لا أزال في ريبةٍ من ماهية هذا الصوت وكيفية حدوثه.
وفي ساعات المساء و وقت الإفطار بدأ يسطع في السماء وهج البرق الذي يكاد يخطف الأبصار, وبدأ معه صوت الرعد يدوي وتساقطت الأمطار, وفي تلك الأثناء وبعد عودتي من صلاتي التراويح والعِشاء والمطر يتساقط والبرق يسطع والرعد يصدح على فترات, وقر في قلبي بأن هذا الصوت الذي من السماء هو (صوت الرعد). قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ 12 وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ 13} سورة الرعد.
عن عبد الله بن الزبير أَنَّهُ كَانَ ‏إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ : {سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ شَدِيدٌ} (6).
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذَا سَمِعَ الرَّعْدَ وَالصَّوَاعِقَ قَالَ:((اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ)) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ.  

وبحسب الحديث الذي رواه أبي أُمامة وفيروز الديلمي فإن الشرطين المكاني والزماني لآية الصوت قد تحققا, وهما: مكان صدور الصوت وهو السماء, حيث أن صوت الرعد مصدرهُ السُحب التي في السماء. وزمان حدوث هذا الصوت وهو ليلة النصف من شهر رمضان, أي ليلة اليوم الخامس عشر, وبشرط إضافي هو أن تكون هذه الليلة هي (ليلة جمعة), أي الليلة الموافقة لمساء يوم الخميس, والواقعة التي رويت أحداثها تمت في النصف من رمضان وكانت ليلة جمعة.
والذين تساورهم الشكوك حول صحت هذه المعلومات من أهل الأردن أو من غيرهم, خاصةً وأن داء النسيان مُستشري في أذهان أهل هذا الزمان, بإمكانهم مراجعة أرشيف دوائر ومراكز الأحوال الجوية والصُحف والتلفزيون ونحوها من المصادر التي تُسَجَل فيها الحالة الجوية التي سادت خلال الفترة الزمنية التي أشرت إليها وهي:سنة 2004 ميلادية, 28-29 أكتوبر, الموافق لِ: 1425 هجرية, 14/15 رمضان, المكان: غرب مدينة عمان, عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية.   
علماً بأنني من خلال بحث قصير وسريع على شبكة الإنترنت, تمكنت من استخراج مراجع موثقة من أرشيف الصحف الأردنية منها هذه التقارير:
جريدة الرأي: 2004م الأرشيف, الجمعة 29 تشرين الأول/ 15 رمضان.
[أمطار متفرقة تشهدها المملكة وانخفاض ملموس على الحرارة .. اليوم
عمان  ــ  احمد كريشــان - هطلت مساء أمس زخات متفرقة  من المطر مصحوبة بالرعد أحيانا عمت معظم مناطق المملكة بعد انحباس دام أكثر من شهر تقريبا عن الموسم الشتوي المعتاد في الأردن .
وذكر رئيس قسم  التنبؤات الجوية حسين المومني أن الأردن تأثر بعد ظهر أمس بحالة من عدم الاستقرار الجوي ناتجة عن امتداد لمنخفض  البحر الأحمر والمصحوب بكتلة هوائية حارة نسبيا.
وأضاف أن المنخفض الجوي يصاحبه حوض علوي بارد في طبقات الجو العليا حيث يطرأ اليوم الجمعة انخفاض ملموس على درجات الحرارة ويكون الجو غائما جزئيا إلى غائم أحيانا مع سقوط  زخات متفرقة من المطر قد يصحبها الرعد أحيانا وتكون الرياح غربية معتدلة إلى نشطة السرعة.
واحدث تساقط الأمطار المفاجئ أمس عدة حوادث نتيجة انزلاقات وقعت في بعض مناطق العاصمة لم تسفر عن إصابات إنما أحدثت أضرارا مادية في السيارات نتيجة عدم اخذ الحيطة والحذر من قبل السواقين في قيادة مركباتهم]. (7)

جريدة الدستور: 2004م الأرشيف, الجمعة 29 تشرين أول/ 15 رمضان.
 [منخفض البحر الاحمر »اربك« الجو:زخات المطر تتواصل والرياح غربية اليوم
 تصوير: محمود شوكت
عمان ـ الدستور ـ أفادت دائرة الأرصاد الجوية أن المملكة تتعرض إلى حالة عدم استقرار جوي منذ ثلاثة أيام نتيجة امتداد منخفض البحر الأحمر مصحوبا بكتلة هوائية حارة وجافة نتج عنها هطول زخات مطرية متفرقة في بعض مناطق المملكة.
وأكد الراصد الجوي في الدائرة أن انخفاضا ملموسا سيطرأ اليوم على درجات الحرارة، ويكون الجو غائما جزئيا، يتحول أحيانا إلى غائم مع سقوط زخات مطرية متفرقة، قد يصحبها موجة رعدية وبرقية أحيانا، وتكون الرياح غربية معتدلة إلى نشطة السرعة...] (8).

هذا هو وصف الحالة الجوية في الصحف اليومية يؤكد ويُثبت صحة هذه الرواية الرمضانية, ولكن لا يزال للحديث بقية, وتحديداً في قوله (عليه الصلاة والسلام): {يكون صوت من السماء يصعق له سبعون ألفاً، ويخرس فيه سبعون ألفاً، وتفتق فيه سبعون ألف عذراء}, وكذلك قوله في الرواية الثانية: {ويعمى سبعون ألفاً، ويتيه سبعون ألفاً}.  
ولكن هل تكون تلك الصاعقة والعمى والخرس وغيره من الذي أصاب هؤلاء حدث تلقائياً بفعل الصوت؟ أم أن هذا الصوت كان مجرد علامة على ما سيقضيه الله في تلك الليلة على سبعون ألفاً من الناس بتلك الأصناف من العاهات والأوجاع ؟؟
في الحقيقة فإنه في حال كان هذا الصوت الذي من السماء هو عبارة عن (دوي الرعد) المُعتاد بحسب ما توصلت إليه وشرحتهُ في هذا البحث, فإن النتائج حتماً لن تُفضي إلى حدوث أية أضرار مُباشرة كتلك الفواجع التي في الرواية, لذا فإن الاحتمال الثاني هو الأرجح, وهو أن سماع صوت الرعد في ليلة الجمعة الموافقة لليلة النصف من رمضان في الفترة التي تسبق بعث الإمام المهدي (عليه السلام) هو مجرد علامة على ما سيقضيه الله في تلك الليلة على سبعون ألفاً من الناس بالعمى والبكم والتيه وغيره من الآلام.
وبالرجوع إلى كلام الله الرحمَن, وما أوحاه إلى نبيه (عليه الصلاة والسلام) من نور وقرآن وبيان, فإننا نجدُ أن الخطاب الإلهي لعباده لم يكن معنياً بالعاهات البدنية والأمراض الحسية التي تصيب بني الإنسان, وإنما هو في جُلهِ وجوهرهِ معنياً بالأمراض النفسية والمعنوية التي تصيب قلوبهم وعقولهم, وعلى رأس هذه الأمراض الشرك والكفر والنفاق وسوء الأخلاق, أي أن هذه العاهات الحسية المذكورة في الحديث هي كناية عما يُعادلها ويُشابهها من الأمراض النفسية, لذا فإن هؤلاء القوم الذين كتب الله عليهم في (ليلة الرعد) أن يُصعقوا وتُصم آذانهم وتخرس ألسنتهم وتعمى أبصارهم وأن يتيهوا في الطريق, هم ممن قال عز وجل فيهم في مُحكم تنزيله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ 6 خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ 7 .. فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ 10..... أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ 16 مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ 17 صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ 18 أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ 19 يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 20} سورة البقرة.
ونجد مثل هذا التشبيه والمِثال مضروبٌ في آيات عديدة من كتاب الله شديدُ المِحال كقول عز وجل في سورة الأنعام: {وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ 39...... قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ 46}.

إذا فإننا ومن خلال هذه الآيات القرآنية نستدل على أن هؤلاء السبعون ألفاً الذين كُتِب عليهم أن يُصعقوا وتُصَم آذانهم, هم الذين ختم الله على سمعهم فلا يصل ذُكر الله وآياته إلى مسامعهم ولا يلجُ من آذانهم. والذين كُتبَ عليهم العمى هم الذين ختم الله على أبصارهم فلا يرون دلائل قدرته في أفاق الكون وفي أنفسهم, وهذا العمى هو عمى قلوبهم المُظلِمة قبل أن يكون عمى أعينهم, كما قال سبحانه وتعالى في سورة الحج: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ 46}.
والذين كُتب عليهم الخَرَس هم الذين ختم الله على ألسنتهم فلا تشتغل بذكر الله وترداد آياته. وأما الذين كُتب عليهم التيه في الطُرقات فهم الذين ضلوا عن الطريق المستقيم ومشوا وراء التُرهات والسراب, قال تعالى:{ وأن هذا صراطي مُستقيماً فاتبعوهُ, ولا تتبعوا السُبل فتفَرَق بكم عن سبيله. ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون 153} سورة الأنعام.
ولو شاء الله لجعل بقدرته أجساد هؤلاء الضالين طبقاً لنفوسهم وقلوبهم مصعوقة محرومة من السمع والبصر والكلام , ولكنه سبحانه حليمٌ رحيمٌ لبني الإنسان.

وربما لا يزال يتساءل البعض: ما بال النسوة والفتيات السبعون ألفاً اللواتي تفتقت عذريتهنَ, إن ربي بكيدهن عليم؟!  
أقول هُنَ العذارى اللواتي كُتب عليهنَ حظهُنَ من زِنا الفَرْج, وهن اللواتي يأتينَ الفاحشة بملء إرادتهنَ أو بالإكراه. وما أكثر الرجال والنسوان الذين كُتب عليهم حظهم من الزنا في هذا الزمان الذي تفشت فيه الفواحش وساد الحرام.

وإن أولئك القوم الذين ختم الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم في ليلة النصف من رمضان فهم لا يرجعون, لا بد أنهم الكافرين المُنكرين لما فرضهُ الله من صيام شهر رمضان, والمُنتهكين لحُرمتهِ والساخرين من المؤمنين الصائمين, وهم الذين مر عليهم رمضان تلو رمضان ودارت الأيام دون أن يتوبوا إلى الله الرحمَن, قال تعالى:{إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا ( 168 ) إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا ( 169 )} سورة النساء.
وكما أن سبحانهُ قد تعهد المقبلين عليه بالتوبة في شهر رمضان بأن يكتب لهم المغفرة في النصف منه, فإنهُ عز وجل تعهد أولئك المدبرين الظالمين لأنفسهم  بأن يكتب عليهم في النصف من رمضان أن لا يغفر لهم ولا يهديهم سبيلا حتى يروا العذاب الأليم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{شهر رمضان أوله رحمة ، وأوسطه مغفرة ، وآخره عتق من النار} (9).

 وعند هذا الحد من رؤية وتدُبر تجليات الله في الظواهر الطبيعية تصديقاً لما جاء في الأحاديث النبوية والآيات القرآنية انتهت سهرتي في تلك الليلة الرمضانية.
قال تعالى: {إنا سنُلقي عليك قولاً ثقيلا 5 إن ناشئة الليل هي أشدُ وطئاً وأقومُ قيلا 6} المُزمل.
أي قريباً بوعد لا خَلَفَ فيه فتهيأ لذلك بما يحقُ له.
عن مسروق عن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): {إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا, فيُصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل, حتى إذا جاءهم جبريل فُزِعَ عن قلوبهم, قال: فيقولون: يا جبريل ماذا قال ربك؟ فيقول: الحق, فيقولون: الحق الحق} أخرجهُ أبو داود وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وعن عائشة أم المؤمنين, رضي الله عنها, أن الحارث بن هشام سأل النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي, فقال عليه الصلاة والسلام: {أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجَرَس وهو أشدهُ علي فيُفصمُ عني وقد وعيتُ عنهُ ما قال, وأحياناً يتمثل لي المَلَكُ رجُلاً فيُكلمني فأعي عنه ما يقول} [يفصم عني: يُقْلِعْ عني]
قالت عائشة: وقد رأيتهُ ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيَفصِمُ عنه وإن جبينهُ ليتفصدُ عرقاً. رواه الشيخين في صحيحيهما.

وبعد أن خلدتُ للنوم سويعات قليلة استيقظتُ لتناول السحور وأداء صلاة الفجر, حيثُ كان فجر يوم الجمعة هو موعدي مع الفصل الثاني من قصة هذا الصوت الرمضاني, لأن ما حصل بعد صلاة الفجر من ذلك اليوم وعاينتهُ بنفسي كان تصديقاً حرفياً للحديث الذي رواه عبد الله ابن مسعود في شأن هذا الصوت, فعنه (رضي الله عنه): عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إذا كانت صيحة في رمضان ؛ فإنه يكون معمعة في شوال ، وتميز القبائل في ذي القعدة ، وتسفك الدماء في ذي الحجة والمُحَرم, وما المحرم ؟ ( يقولها ثلاثا ) ، هيهات هيهات ! يقتل الناس فيها هرجاً هرجاً}.
قلنا : وما الصيحة يا رسول الله ؟ قال : {هَدَةٌ * في النصف من رمضان, ليلة جمعة ؛ وتكون هدة توقظ النائم ، وتقعد القائم ، وتخرج العواتق * من خدورهن, في ليلة جمعة من سنة كثيرة الزلازل, فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة ؛ فادخلوا بيوتكم ، وأغلقوا أبوابكم ، وسدوا كواكم *، ودثروا أنفسكم ، وسدوا آذانكم ، فإذا أحسستم بالصيحة ؛ فخروا لله تعالى سُجداَ ، وقولوا : سبحان القدوس ، سبحان القدوس ؛ فإنه من فعل ذلك نجا ، ومن لم يفعل ذلك هَلك } أخرجهُ الإمام نعيم بن حماد في كتاب (الفتن). [هدة: دوي شديد, أو صوت الهدم الشديد. عاتق: الجارية أول ما أدركت أو التي لم تتزوج. كوة: هو الخرق في الجدار والمقصود هنا: الأبواب والنوافذ والفتحات في جدران المنازل] (10).

فبعد أداء صلاة الفجر بتوفيق الله جماعةً في مسجد الحي والسوق (مسجد صهيب بن سنان), مكثت في المسجد أقرأ وأتدبر آيات القرآن الكريم حتى وقت الشروق, وفي تلك الأثناء عاد صوت الرعد يدوي من جديد وتساقطت الأمطار وازدادت برودة الطقس, والشيء العجيب هو أن وصفهُ عليه الصلاة والسلام للصيحة وتداعياتها في حديث ابن مسعود يدل بشكلٍ واضح على ما ذهبتُ إليه من أن هذه الصيحة ما هي إلا صوت الرعد وما يصاحبهُ من بردٍ ومطر, بدايةً بوصفه للصيحة ڊ (الهدة), ومعنى الهدة كما ذكرتُ أعلاهُ هو (دويٌ شديد), وهذا الوصف والمعنى (للصيحة) ينطبق على صوت الرعد المدوي والذي يتشابه بحسب قوته ودرجة حدتهِ مع أصوات الهدم والانفجارات, وهو صوت مُخيف يُفزع النائم, ويُقعد القائم, ويُخرج الفتاة من سترها الذي تسكن وتبيت فيه.
ثم إنَ في تحذيره وطلبه (عليه الصلاة والسلام) من أهل الإيمان بعد صلاة فجر ذلك اليوم الدخول إلى بيوتهم وإحكام إغلاق الأبواب والفتحات والنوافذ, والتدثر بالأغطية والملابس السابغة, يتوافق تماماً مع ما يفعلهُ الناس في البرد وعند هبوب الرياح ونزول المطر, وهذه الحالة الجوية تمثل ما  كان سائداً في صباح يوم الجمعة الموافق ( 29/10/2004) وتحديداً في المدينة والحي الذي أقطنه, وإن الناس بطبيعة الحال غير محتاجين لمثل هذا التحذير لاعتيادهم اتخاذ هذه الاحتياطات في أيام البرد, ولكن البرد والرعد والمطر في تلك الليلة وذلك اليوم جاء مُفاجئاً والناس لا يزالون مُتخذي الألبسة والأغطية الصيفية ولا يتوقعون كل هذا التغيُر, والنشرة الجوية أعلاه التي نقلتها لكم من أرشيف بعض الصحف الأردنية تدل على هذه الحالة بشكل واضح.  

وأخيراً وليس آخراً, فإننا نستدل من طلبه (صلى الله عليه وسلم) من السامعين للصيحة أن يقولوا عند سماعها: (سبحان القدوس), على أن هذه الصيحة هي (صوت الرعد), وذلك أن هذا الدعاء أو نحوه كما هو مأثور وشائع عند عامة المسلمين يُقال عند سماع صوت الرعد, ومثل ذلك دعاء: (سُبُوحٌ قُدُوس رب الملائكة والروح). قَالَ الشَّيْخُ وَجِيهُ الدِّينِ بْنُ الْمُنْجِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ : (كَان السَّلَفُ يَكْرَهُونَ الْإِشَارَةَ إلَى الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ وَيَقُولُونَ عِنْدَ ذَلِكَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ ، فَيُسْتَحَبُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ) انْتَهَى كَلَامُهُ .

وبهذه التفاصيل والاستدلالات تمت آية الصوت وثبت سماعها, واختصني الله سبحانه بفهمها, وأمكنني من حل هذا اللغز و (الفزورة) النبوية الرمضانية.
قال تعالى: {ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكمًا وعلمًا وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين 79} سورة الأنبياء.
ورغم أن نفرٌ من أهل العلم والولاية كانوا يشيرون في تلك السنوات إلى أن هذا هو وقت صيحة الإمام المهدي (عليه السلام), يعني الصيحة التي تسبق بعثه الشريف وتُبشر بقُربه, إلا أنني لا أعلم إنْ كان أحداً غيري قد عُلِمَ هذه المسألة, وأشرف على تفاصيل حدوثها, وأدرك معانيها, وأحس بنفحاتها كما حصل معي.
عن شهر بن حوشب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{سيكون في رمضان صوت، وفي شوال معمعة، وفي ذي القعدة تحارب القبائل، وعلامته ينهب الحاج، وتكون ملحمة بمنى، يكثر فيها القتلى، وتسيل فيها الدماء حتى تسيل دماؤهم على الجمرة، حتى يهرب صاحبهم، فيؤتى بين الركن والمقام، فيبايع وهو كاره، ويقال له: إن أبيت ضربنا عنقك. يرضى به ساكن السماء وساكن الأرض} أخرجه الإمام أبو عمرو الداني، في سننه.

وفي الحقيقة فإنني قبل تلك الليلة لم يكن لدي تصور واضح عن طبيعة هذه الصيحة, وما كان يجول في خاطري عنها أنها صوتٌ مهول وحادثة جسيمة سيجد آثارها الناس جميعاً ويحسوا بها, ولكن لم يكن يخطر في بالي أنها ستكون شيءٌ رمزي وجوهرٌ علمي لا يسمعها إلا من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد, وأنها ستكون حدثٌ عابر يمر مرور السحاب وبابٌ بلا أعتاب يقفُ الخلق عنده.

ولعل التساؤل الذي يدور في أذهان قُراء هذا المقال هو: هل يكفي وقوع هذه الصيحة والآية الرمضانية في قريةٍ أو بلدٍ واحد ؟ وهل يكفي أن يسمعها ويعيها رجُلٌ واحد من الناس, بحيث يكون ذلك إثباتاً ودليلاً على تحقق هذه العلامة الفرعية من علامات بعث و ولاية الآية الكُبرى الإمام الحُجة المهدي عليه السلام؟
أقول: نعم يكفي ذلك كما لو ثبتت رؤية هلال شهر رمضان في بلدٍ من البلدان, فإن ذلك يكون كافياً بحسب أقوال الكثير من الأئمة والعلماء لصيام المسلمين في القرى والبلدان الأخرى,
ومن جهةٍ أخُرى فإن غالبية أقوال العلماء تقول بثبوت رؤية هلال شهر رمضان بشهادة رجلٍ عدلٍ واحد أخبر أنهُ رآه.
قال تعالى:{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ 22 وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ 23} سورة الأنفال.
وما فائدة أن يدوي صوت الرعد في ليلة الجمعة النصف من رمضان في أجواء البلاد الإسلامية والعالم أجمع, إن لم يكن في تلك البلاد من هو مؤمنٌ ببعث الإمام المهدي عليه السلام, ومُهتم بمتابعة ومراقبة وتحليل العلامات الدالة على ولايته ساعة وقوعها. ولو علم الله في أحدٍ من عباده استعداداً وقابلية على فهم الآية والاعتبار منها لأسمعهُ إياها في أي مكان ٍ وزمان ٍكان.
وللأسف الشديد فإننا نعلم ما يشغل قلوب كثيرٍ من الناس في شهر رمضان, من الذين يقضون لياليه في السهر على شاشات التلفاز وارتياد الأسواق والنوادي, وهؤلاء حتى أصوات المدافع والقنابل الأرضية لا تكفي لإخراجهم من غفلة قلوبهم, فأنى لصوت الرعد ذلك.

الخسوف والكسوف
قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ 75 فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ 76 فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ 77 فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ 78} سورة الأنعام.

وبالإضافة إلى آية الصوت من السماء في ليلة النصف من رمضان والذي هو صوت (الرعد) كما في البيان, فإن ثمة ظواهر طبيعية أخرى يدل حدوثها بطريقة معينة على ولاية الإمام المهدي وقرب بعثه الشريف, ومن ضمن ذلك كثرة الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والحرائق والفيضانات, وكسوف الشمس وخسوف القمر بشكلٍ متكرر.
عن يزيد بن الخليل الأسدي، قال: {كنت عند أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، فذكرت آيتان يكونان قبل المهدي (عليه السلام) لم يكونا منذ أهبط الله تعالى آدم (عليه السلام), وذلك أن الشمس تنكسف في النصف من شهر رمضان والقمر في آخره. فقال له رجل: يا ابن رسول الله، بل الشمس في آخر الشهر، والقمر في النصف. فقال أبو جعفر: أعلم الذي تقول، أنهما آيتان لم يكونا منذ هبط آدم، عليه السلام} (11).
وعلى غرار مساري مع آية الصوت في النصف من رمضان, فقد وفقتُ قبل ذلك بنحو عام إلى شُهود ومُعاينة آيتان عظيمتان وقعتا أيضاً في شهر رمضان, وكان ذلك على وجه التحديد في سنة 2003 ميلادية, الموافقة للعام الهجري 1424, وهاتين الآيتين هما:
- خسوف القمر في النصف من رمضان: وقع هذا الخسوف في ليلة اكتمال البدر وهي ليلة الخامس عشر من الشهر القمري, الموافقة لليلة يوم الاثنين, العاشر من شهر نوفمبر لسنة 2003 ميلادية, وقد كان هذا الخسوف كلياً في عدة مناطق من ضمنها أوروبا وشمال شرق أفريقيا وغرب آسيا والجزيرة العربية, وكانت بدايته مع انتصاف الليل وحتى وقت الفجر, وقد تم تصوير هذا الحدث الجلل وبثه على بعض شاشات التلفزة, وكانت المراصد الفلكية قد أعلنت في وقتٍ سابق عن حدوث هذا الخسوف (12).
- كسوف الشمس في آخر رمضان: وقع هذا الكسوف في نفس العام والشهر, وكان ذلك في يوم الأحد, الثالث والعشرين من شهر نوفمبر لسنة 2003 ميلادية, الموافق للتاسع والعشرين من شهر رمضان لعام 1424 هجرية, وقد تم مشاهدة هذا الكسوف بشكل كلي في أستراليا ونيوزلندا وجنوب الباسيفيك والقطب الجنوبي والحد الجنوبي لأمريكا الجنوبية, وكانت المراصد الفلكية قد أعلنت مُسبقاً عن حدوث هذا الكسوف (13).
قال تعالى: {بل يُريد الإنسان ليفجُر أمامَه 5 يسألُ أيان يوم القيامة 6 فإذا بَرِق البصر 7 وخَسَفَ القمر 8 وجُمع الشمسُ والقمر 9 يقول الإنسانُ يومئذٍ أين المَفر 10} سورة القيامة.
{وجُمع الشمسُ والقمر}: يحدثُ كسوف الشمس عند مُقابلة القمر للشمس واجتماعهُ بها وحيلولته بين قرصها والأرض.
عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: خسفت الشمس فصلى رسول الله, فحكى ابن عباس أن صلاته ركعتان في كل ركعة ركوعان ثم خطبهم ، فقال: {إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله}.

وفي الختام, أحمد الله الذي وفقني إلى تدوين هذه الملاحظات والنفحات القدسية, والتي كنتُ أكتفي في الفترات السابقة بالإفصاح عنها شفوياً إلى بعض الرفقاء والجُلساء في البيت والمسجد وأماكن العمل, ورغم أن الحديث الشفوي أسرع وأيسر على لسان المتكلم وأقرب إلى قلوب وأذهان السامعين من الكتابات, إلا أنه لا غنى عن الكتابة لحفظ المعلومات والتجارب والخبرات ونقلها إلى أكبر عددٍ من الناس لينتفعوا بها, وأكبر حُجة على ذلك كتاب الله الذي دونهُ حفظتهُ وعمموه على المسلمين في كل البقاع.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على خير المبعوثين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المراجع:
- كتاب (عقد الدرر في أخبار المنتظر), الفصل الثالث: في الصوت والهدة والمعمعة والحوادث, الباب الرابع في الأحاديث الدالة على ولايته.

الهوامش:
1- هذه المقدمة ترجع إلى تاريخ نشر الموضوع لأول مرة في مدونة المسبار السحري.
2- الكتاب من تأليف يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي السُلمي, من علماء القرن السابع.
3 - أخرجه جماعة من الحفاظ , منهم أبو القاسم الطبراني , وأخرجه نعيم بن حماد في نسب المهدي .الفتن لوحة 102 أ.
4- هو ثابت ابن أبي صفية, ضعيف لا يُحتج به. راجع التهذيب 2/7 , 8.
5- حديث فيروز الديلمي رواه الكثير من العلماء والمُحدثين لكنه لم يصح عندهم.
6- أخرجه رواه الإمام مالك في الموطأ (2/992) ، والبخاري في الأدب المفرد (723) ، والبيهقي في الكبرى (3/362) .
9- رواه ابن حجر العسقلاني في (لسان الميزان). وروي بحديث أطول حسنهُ الترمذي وضعفهُ غيره.
10- معاني الكلمات هي بحسب ما هو مشروح في أسفل الحديث في هامش كتاب (عقد الدرر).
11- كتاب (عقد الدرر..), الفصل الأول: في أحاديث مُتفرقة, الباب الرابع في الأحاديث الدالة على ولايته.
12- المرصد الفلكي في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم التقنية.

نُشر لأول مرة في مدونة ولي الدين والمسبار السحري بتاريخ: 26-1-2011
فكرة وإعداد: م. وليد أحمد القراعين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق