الثلاثاء، 2 أبريل 2013

صدى الأسماء والأثر في ظهور وعودة المُنتظر


 بسم الله الرحمن الرحيم

 قال تعالى: {وإن من شيءٍ إلا يسبحُ بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [الإسراء: 44].
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خير النبيين محمد, وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين, أما بعد. 
إن كل شيء في الوجود من جمادٍ ونباتٍ وحيوان, وإنْسٍ ومَلَكٍ وجان, يتقرب ويذكر ويُصلي ويدعو باسم اللهِ (الحميد) المنان, في سره وعلانيته, بعلمٍ وإدراك وبغير علم وإدراك, واسم الله (الحميد) هو المنطوي في اسم نبيهِ (محمد) صلى الله عليه وآله وسلم, والمُتجلي بأنواره التامة على نفسه وذاته المُحمدية, وبالتالي فإن جميع مخلوقات الله تعالى تشهد بنبوة (محمد) وتُصلي وتُسلم عليه بمعية تسبيحها بحمد الله.
وقد بدأ الله دين الإسلام بصاحب المقام المحمود نبيه (محمد بن عبد الله) عليه الصلاة والسلام, وسيختمه في آخر الزمان بولاية الإمام المَرْضي المُسمى ڊ (محمد بن عبد الله) المهدي.
قال تعالى: {هو اللهُ لا إلهَ إلا هو لهُ الحمدُ في الأولى والآخرة ولهُ الحكمُ وإليهِ ترجعون 70} سورة القصص.
عن عبد الله بن مسعود , رضي اللهُ عنه , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {لو لم يبقَ من الدنيا إلا يومٌ , لبعث اللهُ فيه رجلاً من أهل بيتي , يواطىءُ اسمهُ اسمي , واسم أبيه اسم أبي} أخرجهُ الحافظ أبو بكر البيهقي .

وفي هذا المقال الذي هو بمثابة الجزء الثاني والاستكمال لمقال (الخبر اليقين في بعث وظهور الإمام المبين), فإننا سنجوب مرة ثانية بصحبة المسبار في فضاء الأسماء لاستكشاف بعض الخفايا والأسرار المرتبطة بآخر الزمان وخاصةً مسألة ولاية وظهور الإمام المهدي (عليه السلام), وقد خصصت هذه المقال لالتماس هذه الآثار من خلال السفر والترْحال في فضاء باقةٍ من أسماء الحركات السياسية والبلاد والممثلين, إضافة إلى فقرات أخرى مرتبطة بها ومُكمِلة لها.

قال تعالى : {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة قالوا أتجعلُ فيها من يفسدُ فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونُقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون 30 وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31)  قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33)} البقرة. 

Jordan
الأردن أولاً.. سوف أبدء التحليلات في هذا البحث مع بلد الرباط ومعقل الهاشميين (الأردن), حيث أن اسم الأردن بحسب طريقة لفظه باللغة الإنجليزية يحمل دلالات وإشارات قوية على بعث إمام العِترة النبوية.
Jordan-  : يُلفظ على النحو التالي: (جوردان).

نقسم اللفظ إلى قسمين: جوردان = جور + دان.
جور: باللغة العربية هو نقيض العدل, والجور هو الظُلم ومخالفة الحق والصواب.
دان:  باللغة العربية بمعنى قريب, من الدناة والدنو.

فإذا انتشر (الجور) في البلاد وكثر الفساد دل ذلك على (دنو) وقت ظهور الإمام المهدي صاحب الزمان عليه وآله أفضل الصلاة والسلام.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يصيب الناس بلاءً شديدٌ حتى لا يجد الرجل ملجأً، فيبعث الله من عترتي أهل بيتي رجلاً، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً، يحبه ساكن السماء وساكن الأرض، وترسل السماء قطرها، وتخرج الأرض نباتها لا تمسك منه شيئاً، يعيش في ذلك سبع سنين" (1).
وعن قيس بن جابر الصدفي، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سيكون بعدي خلفاءُ، ومن بعد الخفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك جبابرة، ثم يخرج المهدي من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ثم يؤمر القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه" (2).

حركة طالبان
 طالبان هي جمع لكلمة (طالب) في لغة (البشتو), وهو اسم حركة أفغانية سياسية وعسكرية ذات طابع ديني نشأت بعد سقوط الجمهورية الديمقراطية الأفغانية المدعومة من قِبل الإتحاد السوفييتي في عام 1992م.
ومن خلال اسم حركة طالبان فإنني سأقوم ببيان إحدى حيثيات مسألة ظهور الإمام المهدي عليه السلام.
(طالبان = طال + بان).
طال: بمعنى تأخر واستغرق وقت طويل. وكما قال المُنشد: "يا رب الباري هذا افتقاري, طال انتظاري, قل اصطباري".
بان: بمعنى ظهر وبان أمرهُ.
والذي يظهر أمره بعد طول ترقُب وانتظار هو ولي الله المهدي عليه السلام.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لو لم يبق في الدنيا إلا يوم، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي، بواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً } (3).  

إيطاليا وإسبانيا
من اللطائف الحرفية أننا نجدُ اسم حركة (طالبان) الأفغانية منطوياً في اسميْ دولتيْ (إيطاليا و إسبانيا) معاً, وقد جاء هذا الانطواء لاسم حركة (طالبان) موزعاً على نصفين في وسط اسم الدولتين, وعلى النحو التالي:
(إيطاليا + إسبانيا = * (طالبان) *).
إيطاليا: اسم مكون من سبعة حروف, الحروف الثلاثة الوسطى فيه على الترتيب تشكل كلمة (طال).
إسبانيا: اسم مكون من سبعة حروف, الحروف الثلاثة الوسطى فيه على الترتيب تشكل كلمة (بان).
وعند جمع هاذين المقطعين المتوسطين في اسم الدولتين (طال + بان), فإننا نحصل على المطلوب وهو اسم حركة (طالبان) الأفغانية, والتي يرمز كما ذكرت إلى ظهور منقذ البشرية من الضلالة والوثنية بعد طول انتظار, وهو الإمام المهدي ومن بعده سبطه عيسى ابن مريم (صلوات الله وسلامه عليهم أهل البيت أجمعين).
عن الحكم بن عتبة عن محمد بن علي، قال: قلت سمعنا انه سيخرج منكم رجل يعدل في هذه الأمة. قال: {إنا نرجو ما يرجو الناس، وإنا نرجو لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد سيطول ذلك اليوم حتى يكون ما ترجو هذه الأمة، وقبل ذلك فتنة شر فتنة، يمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، ويصبح مؤمناً ويمسي كافراً، فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله تعالى، ولكن من أحلاس بيته} (4).

باكستان وأفغانستان
 وبعد بيان اسم حركة طالبان أنتقل إلى معاقلها في باكستان وأفغانستان لبيان شأن ظهور المنتظر عليه السلام, على النحو التالي:
* باكستان: نقسم اسم باكستان إلى قسمان: باكستان = باك + ستان.
 باك: هو لفظ كلمة إنجليزية (back) وتعني ظهْر. والظهر ضد البطن, والظاهر عكس الباطن, و(ظَهَر) الشيء بمعنى تبين.
 ستان: نضع حرف الألف الذي هو في مقدمة الحروف الأبجدية في مقدمة كلمة (ستان) بدلاً من وسطها فتصير (استن), و (استنَ) بفتح النون, هو لفظ كلمة عربية عامية بالمصرية والشامية وتعني (انتظِر), واسم المفعول منها هو (مُنتظَر).
فإذا جمعنا بين كلمة (ظَهَر) المستنبطة من (باك), وكلمة (مُنتظَر) المُستنبطة من (ستان), فإننا نكون قد حصلنا من اسم (باكستان) على جملة (ظهور المنتظر).
وقد سمي الإمام المهدي عليه السلام ڊِ (المُنتظر), بسبب انتظار الناس لساعة ظهوره التي هي من علامات القيامة الكُبرى, ولشغفهم الشديد بمعرفته, وتربصهم لوقت خروجه الشريف لكثرة ما يجدونه من الفِتن والاختلاف والظُلم, ولتحريهم لعلامات وميقات هذا الحدث التاريخي الكبير عبر الأزمان والقرون الماضية والحاضرة.

* أفغانستان: والآن ننتقل من اسم (باكستان) إلى اسم الجارة (أفغانستان), ونقسمه إلى قسمان, كما يلي:
(أفغانستان = أفغان + ستان).
أفغان: إن حرفيْ (الغين والنون) في اسم (أفغان) غير لازمان في تحليلي هذا, لذا فإنني سوف أتخلص منهما بأسلوب لغوي استناداً إلى معانيهم و وظيفتهم في معجم الحروف (5).
أولاً: (غين) بمعنى غِطاء, يُقال: غِين على كذا, أي غُطيَ عليه. وعليه فإنني سوف أُغطي حرف (الغين) وأحذفه من اسم (أفغان).
ثانياً: (نون) وهو من حروف الزيادات في اللغة, ولكونه غير مُستفاد منهُ في تحليلي فإنني سوف أستأصل هذا الحرف الزائد.
وهكذا فإنه يتبقى لدينا من اسم (أفغان) الحروف التالية: (أفا).
أفا: كلمة عامية مصرية وشامية بمعنى (ظَهْر), وهناك مقولة مصرية مشهورة نسمعها على لسان الممثلين : (أنت بتضربني على أفايَ). وبالعربية الفصحى فإن (أفا) تُلفظ (قفا) وتعني تحديداً مُؤخرة العنق, ونستخدمها كذلك للدلالة على مؤخرة وظهر أي شيء عند إلحاقها به, كقولنا: قفا الصفحة, أي ظهرها, وقفا الرجُل عكس وجهه وصدرهُ, وتدل على ظهرهُ ومؤخرة جسده. وبفتح الهاء فإننا نحصل من الظَهْر على كلمة (ظَهَر) أي تبينَ و وضح.
ستان: كما شرحنا أعلاه وحصلنا منها على كلمة (مُنتظر).
فإذا جمعنا بين كلمة (ظَهَر) المُستنبطة من (أفا), وكلمة (مُنتظر) المستنبطة من (ستان), فإننا نكون قد حصلنا على جملة ( ظهور المنتظر) من اسم أفغانستان.

ولنفترض جدلاً أن أفغانستان هي بمثابة (أفا) أو قفا جسد أمة الإسلام, وأن العراق بمثابة (عروقه), وأن القدس بمثابة (قلب) هذا الجسد. فكم يا ترى تكون أمتنا قد ضُربت على (قفاها) في أفغانستان, وكم نزفت الدماء من (عروقها) في أرض العراق, وكم توقف نبضُ (قلبها) أو يكاد في بيت المقدس, بسبب شُح أو انقطاع الدماء المُسلمة التي تصلُ إليه, وذلك نتيجة اختزال أو منع الإسرائيليين لجموع الحُجاج والمصلين المسلمين من الوصول إليه ودخول مسجده, وبالتزامن مع خطة تهويدٍ شاملة لمعالم ومواطني مدينة القدس.

الهندوستان (Mr. India)
هندوستان هو اسم (الهند) على نحو ما يلفظهُ الهنود وأهل تلك المنطقة, وهي كلمة فارسية الأصل.
ورغم النزاع والخلاف السياسي مع جارتها باكستان, إلا أن الهندوستان تشترك مع جارتها باكستان في كون اسمها يحمل في ثناياه إشارةً خفية إلى إمام آخر الزمان, وفيما يلي البيان:
هندوستان = هند و ستان.
هند: إن الرمز العددي لحرف النون (ن) بحسب قاعدة حساب الجُمل المعروفة هو خمسين (50), وإن الرقم خمسين يساوي مجموع الرمز العددي لحرفيْ (الياء والميم). حيث أن الرمز العددي لحرف الياء (ي) هو عشرة (10), بينما الرمز العددي لحرف الميم (م) هو أربعين (40), وبالتالي فإن مجموع أعداد حرفي الياء و الميم (40 + 10) يساوي خمسين (50), وهو عدد حرف النون.
وبناءً على هذه الحسابات نقوم باستبدال حرف النون (ن) الذي في وسط (هند) بحرفي الميم والياء (ي,م) المعادلين له في القيمة, ونضعهم على أطراف اسم (هند), بحيث نضع حرف الميم في أول كلمة (هند), وحرف الياء في آخرها, لتصبح (هند) بذلك (مهدي).
هند = (م) هد (ي) = مهدي
و: من حروف العطف تجمع بين الشيئين. والواو هنا تجمع بين معنيين مُشتركين في كلمتي (هند) و (ستان).
ستان: كما تقدم معنا سابقاً, نضع الألف في مقدمة كلمة (ستان) بدلاً من وسطها فتصير (استنَ), وهو لفظ كلمة عربية عامية بالمصرية والشامية وتعني (انتظر), واسم المفعول منها (مُنتَظر).
وهكذا فإننا نحصل من اسم (هندوستان) على لقب وصفة إمام آخر الزمان (المهدي المُنتظر) عليه السلام.  

تنظيم القاعدة
[القاعدة أو تنظيم القاعدة هي منظمة وحركة متعدد الجنسيات سنية إسلامية أصولية، تأسست في الفترة بين أغسطس 1988- 1990، تدعو إلى الجهاد الدولي] ويكيبيديا.
(القاعدة), اسمٌ يكاد يكون على غير مُسمى, لأن اسم (القاعدة) مُشتق من الجذر (قعد) بمعنى جلس, و (القاعدة) هي أساس الشيء الثابت التي لا يتحرك أو يتغير. وإن هذه المعاني لاسم تنظيم (القاعدة) تتنافى مع طبيعته العسكرية وماهيته الجهادية القتالية, قال تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. فَضَلَ الله المُجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة. وكُلاً وعد الله الحُسنى. وفَضَلَ الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً 95} سورة النساء.
في الحقيقة إن اسم (القاعدة) ينطبق على واقع أمتنا ودولنا العربية والإسلامية التي أصاب جيوشها وقواتها العجز عن مقارعة الجيوش والقوى العالمية المُدججة بالوسائل التقنية, وهذا العجز أدخلها قصراً في غياهب القعود والاقتصار على لعب دور المُتفرج على ما يجري هنا أو هناك.
وبسبب هذا الهبوط الاضطراري والقعود الإجباري لجيوش الأمة, وفي ظل الظلم والعدوان الذي يقع على أبناء الأمة وأرضها في نواحي وأماكن مختلفة, وبسبب عجز المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لهذه الأمة الواحدة عن رفع ودفع هذا الظلم والعدوان, فإن نشوء حركات فردية كالتنظيمات العسكرية وانخراط ثُلةً من أبناء الأمة في صفوفها, يكاد يكون هو النافذة الوحيدة المتاحة أمامهم للتنفيس عن غيضٍ يسير من فيض الكبت والغضب الذي في نفوسهم, بالرغم من خطأ الممارسة التي يقومون بها ومردودها السلبي على مستقبلهم ومستقبل أمتهم ككل, هذا في حال سلمنا بأن هذه التنظيمات العسكرية الموجودة على الساحة هي بالفعل قامت بدافع الغيرة على مصالح الأمة, حيثُ أن الكثير من التنظيمات العسكرية القائمة التي تلبس عباءة الإسلام تحوم حولها أكثر من علامة استفهام؟ من حيث أسباب نشأتها؟ وأهدافها؟ وأهليتها لتبني دور المُنافح عن حقوق الأمة؟ وسلامة نهجها وصحة ممارستها؟ وحقيقة توظيفها من جهاتٍ داخلية أو خارجية لخدمة مصالح الأمة,  أو أن كثيراً منها هو عبارة عن تنظيمات وحركات وهمية ومُفتعلة الغاية منها هو هدم الأمة وتشويه سمعتها وخلق الأعذار لأعدائها للانقضاض عليها وإمضاء مخططاتهم الدنيئة فيها؟ كل هذه التساؤلات وغيرها تبقى مطروحة في خضم هذه الأمواج المتلاطمة من الفتن والاختلاف والتشويش السائد في أجواء الأمة والعالم ككل, وهذا هو الزمان الذي وصفه خير الأنام بأن الحليم يصيرُ فيه حيران, ويُكذبُ فيه الأُمناء ويُصدقُ الخُوان.

إن الجهاد بدايةً هو مُجاهدة النفس الأمارة بالسوء وردع نوازع الشر التي بداخلها, فإذا نجح الإنسان في امتحان مجاهدة نفسه وتوطينها على الطاعة وفضائل الأعمال ولو بأيةٍ يعلمها فيعمل بها ويوقن بما جاءت به, انتقل إلى جهاد من حولهُ بالمعروف بدعوتهم إلى فعل الخيرات وترك المُنكَرات, وقد أُثر عن جابر بن عبد الله عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنهُ قَدِم على قوم غزاة فقال: {قدمتم بخير مقدم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر, قيل وما الجهاد الأكبر قال مجاهدة العبد هواه} (6).

وأما الجهاد العسكري فقد شُرع في كل الأديان من الله الديَان لرد الظلم والعدوان وتطبيق شريعة الرحمَن, وإن لهذا الجهاد شروط وآداب تُبرر مشروعيته, وإن الله لم يشرع لنبيه (عليه الصلاة والسلام) وأصحابه الجهاد حتى ضمن لهم النصر والجنة يدخلونها بغير حساب, لما كان عليه حالهم من الطاعة والمعروف والثبات على النهج, وإن من النماذج على آداب الجهاد ما كان يعظ النبي (عليه الصلاة والسلام) به أصحابه قبل خروجهم لقتال عدوهم: {لا تقتلوا وليداً, لا تهدموا بيتاً, لا تقطعوا شجرة, لا تقتلوا شيخاً كبيراً ولا امرأة إلا من يقاتلكم ...} (7).

إن الجهاد تكليفٌ إلهي و واجبٌ مُقدس على من يستطيع أو يضطر إلى القيام به, وإن عدداً من التنظيمات التي ترفع راية الجهاد المُقدس تهيكل نفسها بالاعتماد على الغيرة والاندفاع غير المحسوب من قِبل شباب الأمة قليل التجربة, أو الشباب الساعي للخروج من دائرة الفشل وتحقيق مكاسب عجزوا عن الوصول إليها بالطرق والظروف المتاحة, أو من الميالين إلى العنف وتسوية الحسابات وتفريغ الأحقاد والعُقد الدفينة في نفوسهم.
وإننا لن نلمس انفراجاً حقيقياً في أزمة العنف والتطرف التي تنتشر في جميع أرجاء المعمورة حتى يتم رفع الظلم عن الشعوب والمجتمعات المقهورة, وحتى يجدُ رجال وأبناء الأمة المُخلصين العمل الكريم والنهج القويم الذي يستوعب طاقتهم ويُرضي قناعاتهم, وربما تنجح آلة البطش في ردع التنظيمات أو الأفراد لبعض الوقت, ولكنها ما أن تلبث حتى تعود من جديد في ثوبٍ وشكل جديد, طالما أن العلة الرئيسية لظهور هذا العنف والتطرف لم يتم تحليلها ومعالجتها بالشكل السليم.

وطالما كانت الدولة منقوصة السيادة أو عاجزة عن حماية أراضيها ورعاياها من أي تهديدٍ داخلي أو خارجي, وطالما كانت التنظيمات وحركات المقاومة تُقاتل داخل أراضيها أو حولها ضد عدو خارجي أو دخيل على بلادها أو متواطئ مع العدو, وكانت هذه التنظيمات تلتزم بآداب القتال وتراعي حقوق الإنسان ما كان إلى ذلك سبيلا, وتتعامل مع عدوها بالمثل, فلا ينبغي عندها الطعن بمشروعيتها وإنكار ما تؤديه من واجبات تجاه وطنها وأهلها, والذي يُنكر عليها ذلك هو العدو نفسه أو من يساعده في عدوانه ويتواطأ معه.

وفي ختام هذه الفقرة, بالقلم والسيف تحيى وتنهض الأُمم, فإن تخلف أحدهما عن الآخر تخلفت الأمة معه, وإنا إذا برزنا بعِلمِنا وأقلامنا بلا سيوف, كسرت سيوف أعداءنا أقلامنا, وإذا برزنا بسيوفنا بلا علمٍ وقلم كسرتنا سيوف وأقلام أعداءنا, وأما إذا برزنا بالقلم والسيف معاً, فإن سيوفنا سوف تحمي أقلامنا فلا يكسرنا أعداءنا.

لطيفة: الإمام الغائب  
بعد غزو  حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية للأراضي الأفغانية, اضطر أفراد تنظيم القاعدة وطالبان إلى الفرار والاختباء بعيداً عن الضربات الجوية على معسكراتهم وأماكن تواجدهم, وبصفته المطلوب الأول على القائمة الأمريكية, فقد اختفى قائد التنظيم (أسامة بن لادن) عن الأنظار والأخبار طوال فترة الغزو وبعدها, ولا يمكننا الجزم فيما لو كان قُتل خلال القصف والاجتياح, أو أنه تمكن من النجاة بحياته والاختباء في مكانٍ آمنٍ في بعض شعاب تلك البلاد إلى وقتنا هذا.
ومن خلال قراءتنا لبعض الروايات التي وصلتنا من الأئمة الكرام في شأن الإمام المهدي (عليهم السلام), فإننا نلاحظ ثمة تشابه بين حالة اختفاء وغياب زعيم تنظيم القاعدة (أسامة بن لادن) وبين بعض غيبات الإمام المهدي المذكورة في الروايات, فعن أبي عبد الله الحسين بن علي، عليهما السلام، أنه قال: {لصاحب هذا الأمر يعني المهدي عليه السلام غيبتان؛ إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات. وبعضهم: قتل. وبعضهم: ذهب. ولا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره، إلا المولى الذي يلي أمره} (8).
وعن أبي جعفر محمد بن علي، عليهما السلام، قال: {يكون لصاحب هذا الأمر يعني المهدي عليه السلام غيبة في بعض هذه الشعاب، وأومأ بيده إلى ناحية ذي طوى، حتى إذا كان قبل خروجه، انتهى المولى الذي يكون معه حتى يلقى بعض أصحابه، فيقول: كم أنتم هاهنا؟ فيقولون: نحو من أربعين رجلاً فيقول: كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: والله لو ناوى الجبال لنناوينها معه. ثم يأتيهم من القابلة، فيقول: استبرئوا من رؤساكم أو خياركم عشرة، فيستبرئون له، فينطلق بهم، حتى يلقوا صاحبهم، ويعدهم الليلة التي تليها} (8).

ومن خلال هذه الروايات نستدل على أن الإمام المهدي يظهر ويعود بعد غيباته تلك, وأما بالنسبة ل (أسامة بن لادن) فإننا لا نزال غير متيقنين فيما لو أنه لا يزال يستطيع العودة والخروج من غيبتهِ أم لا؟!

عادل إمام (رسالة إلى الوالي)
قال تعالى: { فرجعَ موسى إلى قومهِ ...} 86, طه.
وفي اسم الممثل المصري الشهير والمحبوب (عادل إمام), نجدُ دلالة على عودة ومجيء الإمام المنتظر عليه السلام, ولاستخراج هذه الدلالة نقوم بتقسيم الاسم على النحو التالي:
 (عادل إمام = عاد + ل + إمام).
نعوض مكان حرف (ل) لفظه (لام) فتصبح المعادلة:
(عادل إمام = عاد + لام + إمام).
- عاد: بمعنى رجع.
- لام: الحرف الأوسط في المعادلة بين كلمتي (عاد) و (إمام), وعند وضع حرف الألف (ا) الأوسط في لفظ (لام) في نهايته فإنه يصبح (الم), وإن هذه الحروف الثلاثة على الترتيب تمثل النصف الأول من لقب المهدي (الم + هدي = المهدي).
- إمام: الذي يُقتدى به, والمهدي هو إمام وقدوة الناس في آخر الزمان.
وهكذا فإننا من خلال نتائج هذه الأقسام الثلاثة لمعادلة اسم (عادل إمام) نحصل على ما مفادهُ (عودة ورجوع الإمام المهدي عليه السلام).
عن الحسين بن علي , عليهما السلام , أنهُ قال : {لو قام المهدي لأنكرهُ الناس, لأنهُ يرجعُ إليهم شاباً موفقاً, وإنهُ من أعظم البليةِ أن يخرجُ إليهم صاحبهم شاباً, وهم يحسبونهُ شيخاً كبيراً} (9).

- ومن ناحيةٍ أخرى فإننا إذا أخذنا آخر وأول شق من هذه المعادلة على الترتيب فإننا  نحصل على جملة (إمام عاد).
 و(عاد) هو اسم قوم نبي الله هود عليه السلام وهو (إمامهم) في ذلك الزمان, ومن المصادفات الغريبة أن اسم النبي (هود) هو أكثر أسماء الأنبياء شبهاً بلقب الإمام (المهدي) عليهما السلام, قال تعالى: {وإلى عادٍ أخاهم هوداً. قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إلهٍ غيره, إن أنتم إلا مفترون 50} سورة هود.
- وإذا قمنا بتبديل أماكن شقيْ اسم (عادل إمام) بوضع اسم (إمام) أمام اسم (عادل) فإنه يصبح (إمام عادل):
 (عادل إمام = إمام عادل).
والإمام العادل هو بإذن الله الإمام المهدي بشهادة جده المصطفى (عليه وآله الصلاة والسلام), عن قيس بن جابر الصدفي, عن أبيه, عن جده, أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: {سيكون بعدي خلفاء, ومن بعد الخلفاء أُمراء, ومن بعد الأُمراء ملوك جبابرة, ثم يخرج المهدي من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً, ثُم يُؤَمر القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دُونه} أخرجه الطبراني في (مُعجمه).
بل وأكثر من ذلك فإن أعدلَ الخلفاء من جيل التابعين وأقربهم عهداً ببعث سيد المرسلين وهو الخليفة الأموي العدوي (عمر بن عبد العزيز) , لم يَبْلُغ عدلهُ عَدل الإمام المهدي رغم خروجه بعد ذلك العهد الشريف بقرون وسنين طويلة, فعن إبراهيم بن ميسرة قال: قلتُ لطاووس: {عمر بن عبد العزيز المهدي هو؟, قال: لا, إنه لم يستكمل العدلَ كله} (10).  

وبعيداً عن التقاطعات بين اسم (عادل إمام) وعودة وعدل الإمام المهدي عليه السلام, سوف أتحدث قليلاً عن الأعمال الفنية للمثل (عادل إمام) والعلاقة التفاعلية بينه وبين الجماهير العربية, حيث يُعتبر الفنان (عادل إمام) أحد أبرز الممثلين الذين استطاعوا رسم البسمة على شفاه المتفرجين, وقد دأب في الكثير من أعماله الفنية على تصوير نماذج من هموم ومعاناة المواطن المصري بطريقة مُضحكة وعفوية.

أنا وعادل إمام
وكواحد من الجماهير العربية فقد كنت استمتع بمشاهدة هذه الأعمال الفنية التي يقدمها (عادل إمام), وأذكر أنني في فترةٍ من الفترات التي كنتُ أشعرُ فيها بضيقٍ شديد، فإن أحد وسائل التسرية العفوية للتخلص من آثار هذا الضيق كانت من خلال مشاهدة أعمال الممثل (عادل إمام).
 
وإن الفنان عادل إمام هو من مواليد 17 مايو 1940 م، أي انه من مواليد برج الثور وبرج التنين وهو سيد الابراج الصينية، وهو في هذا مثلي تماما، حيث انني من مواليد 30 نيسان 1976م، أي مواليد برج الثور وكذلك في عام التنين، حيث أن سنة 1976 توافق سنة التنين الصينية.
وربما هذه هي من الأسرار الخفية لسطوع نجم عادل امام في سماء السينما المصرية، لما قد يتمتع به مواليد هاذين البرجين من قوة شخصية وظهور قوي وجريء وحس فني عالي وممتع.

 وفي الختام أرجو للفنان (عادل إمام) الذي هو أحد العلامات الفارقة في تاريخ التمثيل في مصر, أن يتوب الله عليه, ويغفر لهُ, ويُحسن خاتمتهُ.


الجزيرة + العربية
بعد الحديث عن المذيعات أنتقل إلى القنوات, وبشكل الخاص القنوات الإخبارية ممثلةً بأكبر القنوات وأكثرها متابعة من الجماهير, وهما قناة الجزيرة وقناة العربية.
وإذا جمعنا بين اسميْ هاتين المحطتين بحسب الأقدمية (الجزيرة ثم العربية), فإننا نحصل على اسم المنطقة الجغرافية التي تحتضن المقرات الرئيسية لهما وهي منطقة (الجزيرة العربية).
والجزيرة العربية أو جزيرة العرب هي المنطقة التي تضم ما يُعرف حالياً بدول الخليج الستة إضافة إلى اليمن.
وكما هو معلوم فإن المقر الرئيسي لمحطة الجزيرة هو دوحة قطر, والمقر الرئيسي لمحطة العربية هو دبي الإمارات.
وإن هذا التكامل بين اسميْ القناتين ربما يعكس التكامل الثقافي والمعلوماتي الذي تقدمهُ كلا القناتين للجماهير, وإن الاختلاف في أسلوب الطرح ومعالجة الخبر وتحليله ضمن مفهومه العام يثريه ويجعلنا نراهُ من زواياه المختلفة.    

وفي ختام هذه المقال, استميح العذر من الأشخاص أو الجهات التي سمحت نفسي التطفل على أسماءها وإظهار ما كان يخلدُ في فكري من معانيها, وتبقى هذه التعليلات مجرد خواطر وتأمُلات لهم الحق في تقبُلها أو رفضها بحسب فكرهم ومعتقداتهم واستعدادهم النفسي.
راجياً أن يكون المولى عز وجل قد وفقني إلى الصواب وسداد الرأي.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مراجع:
- كتاب عقد الدرر في أخبار المُنتظر.
- قاموس مختار الصحاح, لأبي بكر الرازي.
- موقع ويكيبديا.

هوامش:
(1) أخرجه الإمام أبو عمرو الداني، في سننه.
(2) رواه الحافظ أبو نعيم، في فوائده، وأخرجه الطبراني، في معجمه.
(3)- أخرجه جماعة من أئمة الحديث في كتبهم، منهم الإمام أبو عيسى الترمزي، في جامعه، والإمام أبو داود، في سننه، والحافظ أبو بكر البيهقي. والشيخ أبو عمرو الداني، كلهم هكذا.وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، في مسنده، وقال رجلاً مني، ولم يذكر اسم أبيه أسم أبي.
(4) أخرجه الإمام أبو عمرو المقري، في (سننه).
(5)- قاموس مُختار الصحَاح, الجذر (غين) و (نون).
(6) حديث ضعيف الإسناد.
(7) صحيح عن بُريدة الاسلمي.

(8)- كتاب عقد الدرر, الباب الخامس, (في أن الله يبعث من يوطئ لهُ قبل إمارته).  (9)- عقد الدرر , باب عدله وحِليته.
(10) أخرجهُ الحافظ بن حماد.
(11)- سورة الإسراء, آية 8.

مواضيع ذات صلة على هذا الرابط :

الخبر اليقين في بعث وظهور الإمام المُبين


* نُشر لأول مرة في مدونة المسبار السحري بتاريخ 25-12-2010
فكرة وإعداد : م. وليد عايد القراعين




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق